يتوجه اليوم آلاف الناخبين التونسيين المقيمين في مختلف الدول الأوروبية والعربية الى صناديق الاقتراع ليدلوا بأصواتهم في الانتخابات التشريعية، بعد ان كانت الجالية التونسية المقيمة بأستراليا قد قامت بواجبها الانتخابي يوم امس الخميس، في انتظار حلول يوم الحسم النهائي يوم الأحد الذي سيكون فيه المترشحون للتشريعية على موعد مع أصعب اختبار لهم في مسيرتهم السياسية، حيث يخشى الجميع أن يكون الإقبال على صناديق الاقتراع دون المأمول على خلفية عزوف آلاف المقترعين عن التسجيل في القائمات الانتخابية.
فمن جملة 8 ملايين ناخب يحق لهم قانونا التصويت، لم يستجب سوى 5 ملايين الى دعوات الهيئة المستقلة للانتخابات والهياكل الأهلية بالمبادرة بالتسجيل في القائمات الانتخابية. ويذكر ان الهيئة مددت مرتين متتاليتين في آجال غلق باب التسجيل دون ان تكون لقرارها هذا اي تأثير على القاعدة الانتخابية التي يرجع عزوفها عن التسجيل، الى انعدام ثقتها في النخبة السياسية عامة على خلفية استمرار الجدل السياسي العقيم وتسخير الأحزاب السياسية لطاقاتها البشرية في اشعال نيران الفتنة بين الفرقاء السياسيين الذين لم يحققوا الإضافة المرجوة منهم على مدى الأربعة اعوام التي تلت الثورة.
فجأة ومن حيث لا يدري التونسيون، عادت اخبار الجماعات المسلحة لتسيطر على اهتمام الراي العام بعد ورود أخبار مؤكدة عن نجاح عملية أمنية ادت الى القبض على عنصرين ارهابيين بمدينة قبلي (350 كلم جنوب شرق العاصمة تونس) اغتالا حارس مؤسسة كانا ينويان سرقتها لتوفير المال للعناصر المتخفية في جبل الشعانبي التي تشكو نقصا ماليا ولوجستيا كبيرا بسبب الحصار الأمني الذي تعاني منه، الا ان الوحدات الأمنية كانت لهما بالمرصاد. وبمحاصرتهما باسئلة المحققين دل الإرهابيان على البيت الذي تخفي مجموعة مسلحة كانت تعتزم تنفيذ مخطط ارهابي خطير ...وتمت محاصرة المنزل الواقع في احدى المناطق السكنية المتاخمة للعاصمة وتبادل اطلاق النار بين الطرفين، فيما اعلنت وزارة الداخلية في بيان اولي لبها بانه تم اغتيال احد اعوان الأمن برصاص المجموعة الإرهابية التي قامت بخطف طفلين من سكان الحي الشعبي، في مسعى لإجبار الأمنيين على الدخول في مفاوضات معها وبالتالي ايقاف اطلاق النار عليها لتتمكن من الفرار.
وكانت تعزيزات امنية وعسكرية واسعة وصلت المكان منذ فجر امس الخميس لمعاضدة جهود القوات الأمنية الموجودة على عين المكان والتي ثبت اصابة احد اعوانها بطلق ناري، فيما يرجح ان يكون عدد من الإرهابيين المحاصرين قد اصيب بجروح.
وتأتي هذه العملية الأمنية في وقت كانت فيه وزارتا الداخلية والدفاع أعلنتا جاهزية وحداتها للتصدي لكل ما من شأنه ان يعرقل سير الإنتخابات ويهدد استقرار البلاد، بعد أن كانت الداخلية نفت خبرا تم تداوله بكثافة امس حول اعتزام الجارة الجزائر غلق حدودها مع تونس لمدة ثلاثة ايام الى حين انتهاء عمليات الإقتراع العام مساء الأحد القادم.
ومهما كانت نتيجة مواجهات الخميس بين الوحدات الأمنية والمجموعة المسلحة، فإن الثابت ان التهديدات التي اطلقها قياديو الجماعات المسلحة المنضوية تحت لواء كتيبة عقبة ابن نافع، لم تكن مجرد كلام اطلق في لحظة غضب ردا على سلسلة من النجاحات الأمنية على العناصر الإرهابية خلال الفترة السابقة،،،مما سيعمق مخاوف التونسيين من تنامي المد الإرهابي واستفاقة الخلايا النائمة المتحصنة بالمدن والقرى وربما سيضاعف من رغبة شق من المقترعين في مقاطعة الإنتخابات أصلا....وبذلك يكون الإرهابيون قد حققوا أحد اهدافهم الرئيسية وهي ادخال البلبلة على الساحة السياسية والتاثير في الراي العاغم الذي يظل متخوفا من اي ضربة إرهابية محتملة خلال هذه الأيام بالذات،،،مما ستكون له تداعيات سلبية على المسار الإنتخابي برمته.