في شهر رمضان الفائت افتقدنا والدتي مريم التركي- رحمها الله تعالى-، ولأول مرة بعد أن توفاها الله تغيب عنا في شهر رمضان المبارك، وذلك قبل أربعة أشهر وأسأل الله لها الرحمة والمغفرة وأن يجمعها مع والديها وأقاربها وذرياتها في الجنة التي وعد الله بها عباده المتقين إنه غفور رحيم.
كم كان الموقف صعباً جداً ونحن حول مائدة الإفطار في شهر رمضان الماضي كعادتنا أول يوم تجتمع فيه الإخوة والأخوات وأبناؤهم حول مائدة الإفطار بانتظار أذان المغرب ونحن نفرح ونبتهج بلحظات الإفطار معاً، إنها لحظات يا أمي لن أنساها ابداً منذ أربعين سنة وهذا المشهد يتكررثلاثون يوما مرة في كل عام، وهذا العام لم يكن كسابقه، لقد افتقد الليل ذلك البدر.
كنا نتذكر امي ووالدي حمد ونحن الابناء نقدم لهما التحايا بقدوم شهر الخير والبركة ونقبل أيديهما ورأسيهما بتهنئة العيد فلقد حرمنا أجر برهما وفضل دعواتهما المباركة لنا دائماً.
أمي إننا نفتقدك ونفتقد حنانك ودعواتك المباركة لنا وكثيراً ما أتذكر وجهك المليء بالنور والايمان وابتسامتك المضيئة والرضا الدائم بما قدر الله لنا ولكِ، لم تجزعي لأمر ما متى ما حل، وقد قدره الله، لقد تعايشت مع الحزن أكثر من الفرح وخاصة مع موت والديك وزوجك حمد واثنين من إخوتك خليفة وتركي وثلاث من أخواتك عائشة وفاطمة وابتسام، كنتِ قوية مؤمنة بالله تعالى، رغم تأثرك الكبيرعلى فقدهم وحزنك عليهم جميعاً، وكنا نتذكر حينما نريد أن نخبرك بأن أحداً من أهلك قد أصابه سوء او توفاه الله كنا نأخذك بالسيارة لتكوني قريبة من المستشفى ونخبرك بالحقيقة خوفاً من سوء قد يصيبك نتيجة سماعك لخبر لا يسر عن اهلك وقبل أن نخبرك كنتِ تسألينا ما بكم لماذا أتيتم بي إلى هنا أكيد فيه شيء..!؟ إنه الإحساس والحب الذي امتلك مساحة قلبك الكبير ولم يترك مكاناً للحقد وتقبلك للأمر وقولك {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} هكذا هو الإيمان الذي غمر أرجاء قلبك وتعلقك بالله تعالى وحده.
رحمك الله يا أمي ورحم الله جميع أهلك وذويك وأسكنهم فسيح جناته.
امي لسنا نحن وحدنا من افتقدك حتى حجرتك تفتقدك جدرانها وأثاثها والراديو (المذياع) خاصتك يفتقدك وخاصة إذاعة القرآن الكريم السعودية التي لا تعرفين غيرها صباحاً أو مساء.
كل شيء في البيت يفتقدك، أمي أني أتذكر مع لحظات قيامك بتوزيع زكاة الفطر لمستحقيها كل عام في آخر يوم في رمضان استعدداً لاستقبال العيد فإن غبت عنا في عيد الدنيا نسأل الله تعالى أن يجعل عيدنا وعيدك وكل أحبابنا في الجنة إن شاء الله تعالى.
قال الله تعالى {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}.الفجر 30
أسأل الله لنا ولكم الثبات على دينه وأن يجعل الجنة هي دارنا وقرارنا.
ونسأل الله تعالى أن يحل الأمن والسلام في ديار الإسلام قاطبهً إنه ولي ذلك والقادر عليه،
والحمدالله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.