هذه قصة معروفة بشواهدها وتعتبر من النوادر وهي للمطارفة من عنزة، كان لهم جار يدعى النفيشى من شمر راعي غنم وهم أهل إبل، ومن المعروف أن الغنم لا تستطيع مجاراة الإبل في السير خصوص وقتهم في الفوضى والنهب، فقد جاءهم نذر بأن هناك قوم أعداء عادين عليهم وأرادوا الانهزام قبل المعركة والخيل تثني دونهم بالهوش، وهو يسمى بهوش الساقة وهو مشاغلة الأعداء عن الأموال وقالوا لجارهم غنمك دعها ونعوضك بعددها من الإبل، قصدهم يجمعون له إبلاً عنها ولكنه أبى وقال أبياتاً يخاطبهم فيها وينخاهم فزادتهم حماساً منها:
شياهي مزبنها عن اللي يريدها
زحول الرجال أهل الفعال المطارفه
يافون بالشطات ويدلهون بالرخا
يوم ان بعض الناس ينكر معارفه
يا ويل من هو بالملاقا يضدهم
ينهج كما واد غثا السيل جارفه
ما اقول قول إيقال شوفي بعيني
في ساعة به دمعة العين ذارفه
حامو هل العشوا على حق جارهم
في موقف فيه المنايا امشارفه
الا ورد عد يبشرونه بالروا
يروون ولو انه تصافق مغارفه
من لابة لا قيل يضرب بها المثل
هني من هو بالصداقة ايحالفه
كل قوم ولا عناز يا جاهل بهم
أهل ناقة بالكون بالخوف واقفه
سكان دار الخوف مرهبة العدا
بكل ديرة جيتها شفت طارفه
وفريسهم يوم اللقا يندعى بهم
من لا نعرفه عرف نسمع سوالفه
وعند ذلك قسموا الخيل إلى قسمين قسم يحمل الشياه ويعديها أمام المظاهير وينزلها ثم يعودون إلى قومهم، فإذا وصلوها احتملها القسم الثاني وهكذا عملوا حتى نجوا من العدا بما غنموا منهم وعدد هذه الأغنام قيل إنها حوالي الثلاثين تقريباً، حتى وصلوا جرعا غنم وأضيفت هذه الجرعاء إلى الغنم بسبب هذه الحادثة وهي معروفة بهذا الاسم حتى الآن في شمال المملكة فقال شاعر المطارفة محمد بن هايس المطرفي:
يوم العرب غاير وناير بلا اشوار
وكل على فعله ايسوى تماثيل
ربعي هل العشوا بعيدين الأذكار
اللي يشيلون الضواين على الخيل
قصيرهم ما يجدعونه على الدار
في راس عيطا نايفات الشهاليل
يوم السويطي يدب القوم واغار
جتهم سرايا الخيل مثل الهماليل
ساموا شياهه سومة الصدق ببكار
وعيا يبيع وصاح ينخا المشاكيل
ردو هل العشوا سبب صيحة الجار
نقوة ارجال كلبوهم حلاحيل
عند النفيشي هيةٍ تشتعل نار
في ساعة وقت الضحى تقل بالليل
صاحو عليهم صيحة تجلا الأمرار
يشبع بها ذيب الخلا بالرجاجيل
كم خير بارماحهم ثقل مصهار
صاحن عليهم لابسات الخلاخيل
مركاضهم ذل من العيب والعار
يبونها تحكي لجيل ورا جيل
يم الجريعا جدعوهن بالأذكار
بحسابهن كل المضاريع والحيل
يرعن هيت بالروض من عقب الأخطار
من ضرب ربعي كاسين التنافيل
خيالة العشوا على الكود صبار
ما يقبلون لجارهم يلحقه ميل
وشهودهم شمر على كل ما صار
وهرج بلا فعل ايسمى تهاويل
** ** **
(*) من آدابنا الشعبية في الجزيرة العربية - تأليف: منديل بن محمد الفهيد.