انطلقت أمس فعاليات المؤتمر الدولي الرابع للإعاقة والتأهيل الذي ينظمه مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- وبمشاركة 24 دولة، وذلك في فندق الريتز كارلتون بالرياض.
وأكَّد معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور بندر العيبان خلال ترؤسه الجلسة الافتتاحية للمؤتمر عن القوانين والتشريعات الدوليَّة في مجال الإعاقة أن العالم يعيش تحوَّلاً نوعيًا في النظرة إلى حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، من ضيق النظرة والتهميش، ومنح الحقوق الثابتة لهم بصورة عطايا اجتماعيَّة على أساس الشفقة، إلى سعة التنمية بمفهومها الشامل الرحب حيث حقوق الإِنسان، الذي تُبنى فيه الإعاقة من خلال الأنموذج الاجتماعي الذي يَرَى أن الإعاقة تحدث بسبب التفاعل بين الشخص المصاب بعاهة وبين الحواجز في المواقف والبيئات المحيطة به، التي دائمًا تقف عائقًا دون وصوله إلى حقوقه الأساسيَّة، ومشاركته مشاركة كاملة وفعّالة في الحياة العامَّة على قدم المساواة مع الآخرين، مما يكرس مفاهيم ومدلولات حقوق الإِنسان، وحتمية إدراج قضايا الإعاقة ضمن الخطط التنموية. وأشار الدكتور العيبان إلى أن الأمم المتحدة تناولت مسألة حقوق الإِنسان والإعاقة عدَّة مرات، وسعت لإيجاد إطار قانوني قبل التفاوض بشأن الاتفاقية الدوليَّة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة واعتمادها، التي تُعدُّ الأساس القانوني الدولي الملزم.
وأشار إلى أن المملكة كانت سبَّاقة إلى المصادقة على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها الاختياري في عام 2008م، وقد انتهت من إعداد التقرير الأول المعني بالاتفاقية، كما تعمل على تطوير تشريعات الإعاقة لديها وفقا ًللاتفاقية وإرشاداتها في ذلك، وأولت اهتمامًا بمسألة رصد تطبيق الاتفاقية وتنفيذها وبث الوعي بها، تمثِّل ذلك بإنشاء وحدة خاصة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في هيئة حقوق الإنسان تقوم بأدوار منها رصد تطبيق الاتفاقية في المملكة وبث الوعي بشأنها.
وأضاف أن المملكة تعمل على تعزيز التعاون الدولي في مجال تشريعات الإعاقة الدوليَّة، وأقامت عدَّة منتديات دوليَّة ناقشت موضوعات تتعلّق بالإعاقة، وتطبيق الاتفاقية وغيرها، كما أن هيئة حقوق الإنسان وضمن شراكتها مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان قد وضعت ضمن جداول التدريب والدعم الفني للكوادر موضوع الإعاقة على رأس اهتماماتها، إضافة إلى أن هذا المؤتمر يعد امتدادًا لجهود المملكة في هذا الشأن.
وتحدث الدكتور فلاديمير كوك خلال الجلسة عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في منظومة الأمم المتحدة. كما تحدث نائب رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر الأمين العام للمؤتمر عضو مجلس الشورى الدكتور محسن الحازمي عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في ضوء الاتفاقية الدوليَّة والبرتوكول الاختياري والتشريعات المحليَّة والدوليَّة، أما الدكتورة ليزا كوبينين فعنوان ورقتها نحو نوعية حياة أفضل من خلال تنفيذ حقوق الإِنسان.
من جهتها طالبت الخبيرة الدوليَّة في مجال الإعاقة الرئيسة الفخرية لاتحاد الصم العالمي الدكتورة ليزاكوبينين بإشراك الصم في جميع نواحي الحياة من أجل التنفيذ الناجح لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، واتفاقيات حقوق الإِنسان، موضحة في ورقة بحثية بعنوان «نحو حياة أفضل من خلال تنفيذ حقوق الإِنسان» عرضتها خلال الجلسة أن تنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة يختلف من دولة عربيَّة إلى أخرى، على الرغم من أن معظم الدول العربيَّة صادقت على تلك الاتفاقية على غرار البلدان الأخرى الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة.
من جهته أكَّد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس هيئة السياحة والآثار رئيس مجلس أمناء مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة رئيس اللجنة العليا للمؤتمر الدولي الرابع للإعاقة والتأهيل، أن رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- للمؤتمر دليل واضح على اهتمام المملكة بشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة.
جاء ذلك خلال تدشين وزيارة سموه للمعرض المصاحب للمؤتمر، التقى خلالها بالقائمين على المعرض، واستمع لمنجزات الجهات المشاركة بالمعرض.
وعدّ سموه تشريف صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله- لافتتاح المؤتمر نيابةً عن خادم الحرمين الشريفين، وتسليم جائزة الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة في دورتها الأولى، امتدادًا لاهتمامه رعاه الله بالمركز وأعماله منذ افتتاحه وطوال 25عامًا.
ونوّه سموه بدور مركز الأمير سلمان للأبحاث الإعاقة في تنظيم المؤتمر، مبينًا أن ذلك يأتي ضمن جهوده العالميَّة والبحثية الرائدة التي أضافت كثيرًا للخدمات المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة.
وأوضح أن المركز وغيره من المؤسسات المهتمة لذوي الاحتياجات الخاصَّة الكثير من الشركات مع عدد من القطاعات الحكوميَّة والأهلية لتوفير الخدمات اللازمة للشخص ذي الإعاقة سواءً كانت علاجية أو مساعدة، مستشهدًا بجملة الله يعطيك خيرها التي تنظمها جمعية الأطفال المعوقين بالتعاون مع وزارة الداخليَّة التي أسهمت بفضل الله في التقليل من الحوادث المرورية.
وأثنى سموه على حسن التنظيم الذي استطاع التعامل مع عدد المشاركين الكبير الذي فاق 6000 مشارك، رغم توقعات اللجنة التنظيمية للمؤتمر أن عدد المشاركين لن يتجاوز 2000 مشارك، عادًا هذا العدد مؤشرًا مبكرًا لنجاح المؤتمر، ونحن بانتظار المخرجات والتوصيات التي سيتمخض عنها في ختامه، التي ستعود بالفائدة الكبيرة على الإعاقة والتأهيل بعون الله.