توقَّع خبير نفطي استمرار هبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية خلال الفترة المقبلة؛ إذ ستنخفض الأسعار في عام 2015 إلى ما بين (65 و80) دولاراً للبرميل؛ وذلك للظروف الجيوسياسية التي تحيط بالمنطقة الشرق أوسطية والأوروبية، إضافة إلى ارتفاع العرض مقابل الطلب. وقال لـ«الجزيرة» رئيس مركز السياسات النفطية والتوقعات الاستراتيجية الدكتور راشد أبانمي إن أسعار النفط الحالية إذا نظرنا لها من منظور اقتصادي بحت سيكون هناك بالفعل استغراب لانخفاضها نحو 20 % خلال الأشهر الثلاثة الماضية فقط، مشيراً إلى أن سلعة استراتيجية كالنفط تعتمد عليها جميع دول العالم لا يمكن النظر إليها من خلال المنظور الاقتصادي البحت، وإنما هناك العديد من العوامل التي تؤثر فيها، سواء الجيوسياسية، أو المناخية، أو المضاربات، أو عوامل العرض والطلب، وحتى عمليات الصيانة والتشغيل، فهي سلعة استراتيجية تدخل في أسعارها جميع العوامل. وبيّن أبانمي أن من أهم أسباب الانخفاض الحالي في الأسعار هو زيادة العرض المقصود من جهة، ومن جهة أخرى تخفيض الأسعار بمنح خصومات؛ وذلك للضغط على دول بعينها مصدرة للنفط اقتصادياً؛ وبالتالي تقليل استفادتها من فوائض الأسعار التي ربما كانت ستستخدمها تلك الدول لخلق بيئة تدعم بشكل مباشر التطرف واستمرار النزاعات الطائفية. ولكي يتم توضيح هذه الجزئية لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار تكوين الحلف الدولي لمحاربة التطرف، الذي يتكون من العديد من دول العالم، وتعتبر أمريكا وأوروبا ودول الخليج المكون الرئيسي له؛ إذ أشارت بعض التقارير إلى أن الحلف يتوقع أن يستمر إلى عام 2036، أي إعادة تشكيل جبل جديد، وتتمحور أهدافه حول نزع فتيل التطرف والقضاء عليه بمعالجة جميع جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية التي يرى أنها منابع لدعم التطرف الديني خلال الجيل القادم. وقال: هذا الحلف العالمي يركز في الوقت الحالي ليس على محاربة التطرف فقط، وإنما يتمحور أيضاً على من يخلق البيئة المناسبة ويدعم التطرف بشكل غير مباشر كدول أو منظمات وأحزاب أخرى، وهنا جاءت الحلول الاقتصادية بفرض عقوبات على من يدعمون البيئة المناسبة للإرهاب والتطرف، ومن جهة أخرى جاء الضغط الاقتصادي من الدول المنتجة للنفط بزيادة الإنتاج وتفوق العرض على الطلب، ومنح حسومات على أسعار نفطها لعملائها؛ وبالتالي انخفاض كلي على أسعار النفط. وأضاف أبانمي: ستكون هناك تكفة على دول الخليج في الوقت الحالي من جراء انخفاض أسعار النفط التي من الممكن أن تنخفض إلى ما بين 65 و80 دولاراً للبرميل، ولكن مردودها الإيجابي سيكون أكبر مستقبلاً بالنسبة لدول الخليج التي لا تقبل حرباً في منطقتها بالوكالة، فالنفط سلعة استراتيجية، تستثمر كما تستثمر الأشياء الدفاعية الأخرى. وفيما يخص تأثير انخفاض الأسعار على ميزانية المملكة أوضح أبانمي أن المملكة تتعامل دائماً مع مثل هذه المواقف بكل إيجابية، فلديها من التجارب التي مرت بها الكثير، التي تجعلها تتجاوز أي أزمة إن وجدت، ومن المؤكد أنها مستعدة لذلك من خلال خفض المصروفات إذا اقتضت الحاجة، ومعرفتها الكبيرة بكيفية جعل ميزانيتها تتماشى مع الأسعار المتوقعة للنفط.