تكتسب التربية أهميتها من كونها الموجه للعملية التعليمية، وهي عملية مستمرة متواصلة لبناء الإنسان والاهتمام بالأجيال، وبناء نفوسها وصياغة وجدانها على القيم والأخلاق الحميدة والمثل الإسلامية السامية، وتطلعاتها نحو استشراف المستقبل وخدمة بلادهم وأمتهم على هدي العقيدة الإسلامية السمحة، وإن التربية الوطنية مفهوم وإحساس وتعميق وتأصيل للشعور الوطني في نفوس الناشئة وتربيتهم على حب الوطن والدفاع عنه والإخلاص له وتعميق مفاهيم حب الوطن في قلوب كل أبنائه والمحافظة على المكتسبات الوطنية والحنين إليه، والانتماء لهذا الوطن لا يكون بالقول بقدر ما يكون بالفعل والعمل والإيمان والحب وتنمية إحساس الشباب بأنهم جزء من هذا الوطن، ليظل في سويداء القلب وأنشودة عذبة وثقة ومحبة وعزم وإصرار وتضحية وتفانٍ على العطاء والبناء والعمل واليقظة والاهتمام والقوة وكل ما يحقق له الخير والفاعلية والتمسك بمكارم الأخلاق التي دعا إليها الإسلام والابتعاد عن مساوئ الأخلاق، خاصة أن لهذه البلاد مكانة خاصة متميزة، فمنذ أن انطلقت من هذه البلاد أنوار التوحيد وهي تشع بالخير والفضيلة وتزخر بالعطاء والإيمان، فهي مهبط الوحي ومهد الرسالة ومنطلق النور وموئل الإشعاع ومقدسات الإسلام ومنبت العروبة ولغة الضاد وجذرها وركيزة المآثر ومنبع الهدى ومتنزل البيان، فما اختصها الله به من الخيرات والفضائل، يجعلنا نعتز بالانتماء لهذه الأرض ولهذا الوطن الكريم والعمل على ترسيخ وتنمية هذا الانتماء.
ومن هنا يجب غرس حب الوطن في نفوس الناشئة والشباب من قبل الأسرة والمدرسة والمجتمع ويتجسد ذلك حيث يحيا في قلب كل مواطن بالعطاء والتضحية والإيمان وعمق التصور، وذلك لإعداد المواطن الصالح القادر على تحقيق رسالته في هذه الحياة والشخصية المتميزة في هذا العصر، عصر التقارب والتعاون والانفتاح العالمي والانتماء للوطن يكون في بذل الجهد والتضحيات والعمل على المشاركة الإيجابية في مسيرة الحياة وتكريس الجهود للعمل المثمر الهادف وتقوية الأواصر، فالمواطن الصادق هو من سمت أخلاقه وعلت همته وخلصت نيته وصدقت عزيمته وراقب الله في أعماله وقدم العطاء لوطنه وأمته وتفانى في الدعوة إلى المثل العليا والأخوة والإحساس والتراحم والتكافل وإسداء المعروف وإغاثة الملهوف، وكل معنى سامٍ كريم، وحافظ على ذلك وعمرت جنبات نفسه بأخلاق وسجايا كريمة ودفع هذا الوطن إلى ما نتمناه له من عزة ورفعة وازدهار، وإن التواصل والحوار حول مادة التربية الوطنية وغيرها من المواد أمر محمود وأسلوب تربوي أمثل.
إن الوطن قطعة غالية منا تتكحل عيوننا بأضواء شمسه وإشراقه ومعطياته، فينبغي أن يكون انتماؤك له عملياً في قلوبنا وأرواحنا ومشاعرنا نخلص له ونبر به وندرأ عنه الشرور ونتفاعل مع مستلزماته ونهوضه وتطوره تفاعلاً إيجابياً وتعريف المواطن من خلال المؤسسات التربوية والإعلامية بالمحافظة على مكتسباته ورعايتها من خلال حسه الوطني ولا شك أن للتربية الوطنية المثلى دوراً فاعلاً في توجيه الشباب نحو الانتماء للوطن والتفاعل الواعي مع التطورات الحضارية في ميادين العلوم وضروب الثقافة وفنون الآداب وتوجيهها بما يعود على المجتمع بالخير والتقدم ومواكبة تطورات العصر، إن الانتماء للوطن والارتباط الوثيق بتاريخ أمتنا وحضارة ديننا الإسلامي والإفادة من سير أسلافنا سيكون ذلك نبراساً لنا في حاضرنا ومستقبلنا.
وبالجملة فإن التربية الوطنية وما تعلمه هذه المادة من مفاهيم وطنية وحب للوطن ودعم للحس الوطني وتنميته بما يخدم المصلحة الوطنية العامة في أهدافها وسيلة لتأكيد المواطنة وتكريسها وتنمية الولاء والإخلاص للوطن وللعقيدة الإسلامية وتهيئة المواطن ليكون عضواً نافعاً في بناء وطنه ومجتمعه وواحة مشرقة لوطنه.