في يومك يا وطني الـ84 .. الذي هو يوم (وليس عيداً) نخصّه بالاحتفاء (كما الاحتفال) بالوطن كقامة وقيمة في خوالجنا له، فنبث ما بداخلنا حياله، لأن (المطلوب) في باقي أيام السنة أن نثريهما بخارجنا عملاً وإنجازاً..
فحب الوطن يا بني الوطن ليس كلاماً نسطّره، ولكنه أفعال نصدرها من ذاتنا..
وعلى هذا فلعلي أُعذر في التقصير وهو حادث..
فـ(ماء القلب) والنهر العذب الذي تذرب سواقيه فينا.. كجريان الدماء بعروقنا يقول.. عن بلادي أنها غالية (جدا).... فكيف وهي تضمّني، وتجمع ذاتي وتعزّ قدري وتحمي أثري..
كم غنّيتها رسما وكم ناغيتها وسماً.. وكم ناديتها من بُعد إبّـان اغترابي ورفدتها مع أترابي ولا غرو إذ هي تُربتي وتُرابي.. الذي قضيت في رباه غضّ عمري وشبابي..
.. اليوم/
وقد بلغت من عهدها الرغيد بإذن ربها «الرابع والثمانين» أي منذ النشئة.
وهذا الصنيع وإن كان له مظاهر تعبيرية، كالفرح والأُنس، بل الزهو فيه من خلال الابتهاج، لكنّ لا شك أن القراءة في المضمون (خلف تلكم التعابير) في قيام المرء - إقامته- بين أهله في داره لهو أعزّ معاني تلكم ..
وهذا بعد قد لا يتوجّس من ثقله وزخمه من لم يذق الغربة..
فهلا أخذتم من الجواهري - من أهل عصرنا- محاكياً..
حييت سفحك من بعدٍ فحييني.
يا (دجلة الخير)، يا أم البساتين..
لأن المعطيات الحضارية إما تأتي تراكمية، أو تأتي من خلال نمط ما تقدّمه الدولة لأبنائها.
ونظرة العيون المطلّة على المستقبل قد ترى في حب الوطن ما تعبر عنه من تعداد ما تفرح بعام قادم أطلّ كأحلى.. لوطنٍ أغلى.
فنحن نحررّ ذاك.. فعلاً في طلب (الأمن) له، كما ونعزز حبنا لوطننا يوم نحافظ على جواهر التنمية، نعبّر بذلك كتقدير بهيّ لوطننا نابع من داخلنا وذلك حينما بالفعل نسير (تأدباً بأنظمته) كأقرب شاهد على دعوانا بذلك الحب..
كما وهذه المعاني السامية الغالية فإننا نجلى بها مما نضمرهُ
عندها فقط يكون لذاك الحب مسوغ ما يشهد لنا أي عن هذا الحبّ وإمام بوادر الوطن..
وأخصّ هنا مكتسباته التي لا ينكرها إلا جاهل أو جاحد.. وأحددها بالأمن
أجل..
كل عام والوطن (المملكة العربية السعودية).. إلى درجات العلا يصعّد
إذاً
هذا اليوم (فقط) تذكير، وإلا فإننا كل يوم من العام نحتفل بالوطن من خلال (العطاء)، ألا ترى أن الناجح يحفل بيوم الشهادة.. تلقاء جهد امتدّ طوال العام! فهو يحتفل بثمرة ما بذر
وهذا الاحتفاء، هو بالأصح تعبير عن حب..
وحفاظاً على ما بلغناه اليوم من معطيات لامست أفق أمانينا علينا أن نقف صفاً مسانداً مع أولئك الذين أعدّو أنفسهم لمهام الحفاظ الكُبرى (حماية الوطن)، معتدّين لا أقول بصنيعهم.. لكنّ (كتعبير) عن هذا الحب.. الذي يرخص أمامه كل غالٍ أو نفيس.
فلا أغلى من الوطن، بل ليس كثيرا أن نقول (روحي وما ملكت يداي.. فداه).
فهم عندها (الدرع) والحصن (الحصين) للذود عنه، وعن مكتسباته من قبل.
ختم:
كلما أقرأ أبيات (الزبيري) غزيرة المعاني، وأثيرة الوقع، وهو يخاطب من بُعدٍ بلاده أتذكر بلادي:
مزقيني يا ريح ثم انثري
أشلا جسمي في جو تلك (المغاني)
وازرعيني على الجبال والغدران
بين الحقول والأغصان
وصلي جيرتي وأحبابي
وقصِّي.. عليهموا ما دهاني
هل بكاني هزارها هل رثاني طيرها
هل شجاه، ما قد شجاني
... يا الله /
تحسّ انه لم يبق من العواطف غرةً الا وأوقفها طرّا عليه
أجل.،
و.. لا غرو إن لم أحاكيه
أن أنقل ما حكوه وحبكوه مقفى
فهذه بلدي قلبي وكبدي، والدنيا الحقيقية، بل الأم الكبيرة.. التي تتسع أحضانها كافة بنيها، وبالسواسية كأسنان المشط..، وكذا تقيّم، أو تنظر لهم.
كحال أم يوم سئلت.. عن أيّ بنيك إليك أحب؟، نظرت ثم حارت فقالت: «عدمتهم إن كنت أعرف، فهم كالمسبحة لا أعلم أين مبتدؤها؟»..