تنمية المجتمع لا تكتمل بدون تمكين الشباب من الجنسين. فالبطالة والعطالة تفرخ عدم الرضى المجتمعي. والجدل حول عمل المرأة السعودية وظيفيا, وشروط الموقع الأفضل لعملها يشغل الساحة. الأوضاع الاقتصادية الراهنة أمست تفرض أن تعمل المرأة لتساعد بدخلها في إعاشة الأسرة ولم يعد عمل المرأة ترفا. وقد علمنا ملايين الفتيات في المدارس وخرجنا مئات الآلاف من المعاهد والكليات وما زالت بعض الخريجات القديمات لم يجدن وظيفة. وقلة من يقبلن بأي وظيفة. والجدل المجتمعي حول عمل المواطنة مهندسة أو ممرضة أو كاشيرة أو في استقبال فندق أو مساعدة في منزل, لا ينتهي باتفاق. ولاشك أن الاعتياد في النهاية ينهي تأزم الاختلاف. ومثلما تقبل المجتمع تعليم المرأة سيتقبل عملها ويحترمها.. ولا أتفق أن كل الرجال ذئاب عند حضور المرأة. و إن تطاول أحد على كرامتها فقوانين المراقبة والمحاسبة والمعاقبة كفيلة بوضع حد لأي تجاوز.
كل يوم في تويتر أتلقى الكثير من الرسائل تطالب بالتوظيف الفوري للخريجات في مدارس القطاع العام.. وأعلم أنها مكتظة لا تستوعب المزيد.
قبل تقبل عمل المرأة في وظيفة كمصدر للرزق, أول مجال أنجزت فيه المرأة السعودية وأبدعت في العطاء هو العمل التطوعي في الجمعيات الخيرية لخدمة الفئات المحتاجة في المجتمع. الآن بلا شك مجالا التعليم والطب هما المفضلان مجتمعيا -كما كانا منذ البدء- كمواقع تخصص وعمل للمرأة المتعلمة بمردود مادي. وقد حققنا في التعليم شبه اكتفاء من المواطنات خاصة في تعليم المواد النظرية غير العلمية. بعدها استجدت مجالات التخصص والعمل في المساعدة الإدارية والخدمات في المؤسسات العامة كالبنوك والمكاتب الإدارية للمتخصصات في الإدارة ومؤخرا القانون والأمن. واستجد الاستثمار النسائي في مواقع تقديم الخدمات النسائية كالتجميل والمشاغل. ولكن ما زالت اليد العاملة فيها أجنبية. وليت برامج التدريب المهني توسع مجالات تدريب المرأة في مهن نحتاجها علمية وتقنية وخدماتية تتعدى المفهوم التقليدي لعمل المرأة في التجميل والمشاغل.
أستطيع أن أؤكد أن عندنا نسبة جيدة من الشابات الطموحات يحملن بذرة طيبة للإبداع والتفوق, فالمواهب موجودة ولا تختلف الفتاة السعودية في قدراتها الممكنة عن غيرها من فتيات العالم. ولكن ظروف التقبل المجتمعي والدعم والتشجيع الأسري لا تتوفر للكل؛ ولذلك حاليا تحقيق التفوق ممكن وموجود ولكن بصورة فردية مدفوعة بالطموح الذاتي والدعم الأسري الذي يمنحها الثقة ويسمح للأنثى بمحاولة إثبات ذاتها. بين هاته النخبة نجد من وصلن إلى أعلى مستويات الإنجاز محليا وعالميا وحصلن على مواقع قيادية وأوسمة تكريمية.
أحلم أن أرى الجيل الناشئ من الجنسين يتمتع بفرصة الدراسة والتخصص في مؤسسات متطورة المناهج تفتح لهم آفاق العلم والفكر الجاد والتخصص المتخير بوعي لقيمته التوظيفية مستقبلا. ثم يعمل في مؤسسات ومجالات تتيح له التفوق. أحلم أن نرى المرأة السعودية تتبوأ الموقع الريادي والقيادي الذي يليق بجوهر معدنها المميز ويوضح للجميع قدرتها على حمل المسؤولية ومقارعة أي تحد وتحقيق أي تكليف يناط بها. والحمد لله وجهة التطوير الذي تعد به الإدارة الجديدة في وزارة التعليم وفي أنظمة الدولة وتوصيات مجلس الشورى للقيادة العليا, تبشر بالخير.