في كندا قرأت شروط التقدّم لوظيفة سائق باص مدرسي، ظننت للوهلة الأولى أني أقرأ شروط التقدّم لوظيفة طيّار، في هذا الشأن أتذكّر أني كنت أسير على الطريق الدائري الشرقي ومر بجواري باص مدرسي يحمل أطفالاً، مرق الباص بجانبي كالسهم. وأصدقكم القول أني لم أتمالك نفسي وانطلقت خلفه متجاهلاً ساهر، وتمكّنت أخيراً من استيقافه، وترجّلت من سيارتي وصعدت الباص فإذا بي أجد مواطناً عربياً وسائقاً عربياً ومواطناً مشرفاً سعودياً، وتوجهت إليهم باللوم على تعريض حياة هؤلاء الأطفال للخطر، وعندما لا حظوا انفعالي الشديد، أخذوا في الاعتذار وتطييب خاطري. في اليوم التالي اتصلت بمدير المدرسة، وقال لي «وش نسوي يا ابن الحلال عجزنا عنهم». شر البلية ما يضحك!
* في مدارسنا التعليم شبه معزول عن حياة الطلاب اليومية، فطلابنا لا يجدون فيما يتعلّمونه في مدارسهم أي معنى أو تطبيق أو ممارسة في حياتهم اليومية، بين تعليمنا وحياة طلابنا برزخ لا يبغيان. في الولايات المتحدة الأمريكية أنشأت بعض المدارس محاكم على غرار المحاكم الحقيقية، والطلاب هم المتهمون وهم محامو الدفاع وهم القضاة وهم المحلّفون. جميع ما يمس حياة الطلاب في المدرسة يتم عرضه على هذه المحكمة، وتتعهد إدارة المدرسة بتنفيذ ما تتوصل إليه هذه المحكمة الطلابية. إنهم يوظِّفون هذه المحكمة الطلابية لتعزيز تعلّم مبادئ التربية الوطنية، ومبادئ الحوار والمناقشة من أجل كشف الحقيقة واكتشاف الأخطاء الطلابية.