* * أحيانا مع الأسف تكون «عواطفنا» هي التي تحدد رؤيتنا للآخرين، وأَبعاد ذمنا أو إطرائنا لهم.. وهذه معضلة قائمة منذ الأزل، ومآسيها وأضرارها أكثر من الهم على القلب.. لأنها ترسم «جغرافية» تعاملنا مع الآخرين، فنضع ملامح حسناتهم أو سيئاتهم على ضوئها.. وهذا «المتنبي» سيد من تعاملوا بهذا «المبدأ» عندما كان راضيا عن «كافور» كان يدعوه «أبا المسك» لكن عندما سقاه كؤوس اليأس والذلة والحرمان غضب عليه شاعر العزة والكبرياء فوصفه بأقذع الصفات وأقساها فدعاه «بالعبد المخصيّ» «الذي لا يشترى إلا والعصا معه».
صديق بالأمس كان يحدثني عن إنسان يعتبره في فترة خلت - مثله الأعلى والإنسان الذي لم تلد حرائر النساء من يشبهه، ولكن - بقدرة العاطفة العجيبة - تحول تبر ذلك الشخص - في نظر صاحبي إلى تراب، ومثاليته إلى غباء، وشجاعته إلى عجز، فقد كال له صاحبي
«أصواعا» من الذم والسباب.. وحدّقت في عينيّ صاحبي طويلا، وتسمرت نظَرتي في وجهه.. وبدأت أتساءل كيف تغيرت نظرته إلى صديقه.. وكيف تحول هذا الشخص - في نظره إلى شيطان بعد أن كان يعتبره ملاكا.. ولكني بلعت أسئلتي.. ولم أجد جوابا حتى قطع على هذا «الصديق» خيوط حيرتي، وقال لي بلهجة المنتصر أتدرى ماذا عمل لي ذلك الشخص؟
لقد طلبتّ منه أن يساعدني في أمر ما.. ولكنه تخاذل وشرح لي أسبابا لم أقتنع بها.. ولهذا قطعت كل علاقاتي السابقة معه..!
هذه النظرة في التعامل ستبقى ما بقيت المصالح والماديات وستظل مادام الناس لا يبنون علاقاتهم إلا على أساس من «المنافع» دون أن ترتكز علاقاتهم على أساس من «الروحانيات» التي توحد بين مشاعرهم.. وتربطها بخيط لا ينقطع أبداً.
لقد هدَّت «المنافع» أنبل المشاعر.. ورمدت أصالة الوجدان في داخل الإنسان.. «وهل يصلح العطار ما أفسدته المصالح».
=2=
* * اتق غضبة الحليم! * *
* * يختلف الناس في تعاملهم مع الآخرين!
منهم من يكون سريع الغضب عند أي تصرف خاطئ فيكون رد فعله فوريا وهنا يَتعب نفسه ويُتعب من يتعاملون معه أو يعمل معهم!
هناك صنف آخر يتحمّل ويصبر على سيء التعامل وسلوكيات الآخرين رغم قدرته على إيقاف المتجاوز في سلوكه.
لكن هذا المتسامح إذا تمادى المسيء لا يطول به السير في درب التغافل والصبر وبخاصة إذا كان السلوك موسوما بالكذب والخداع هنا يطفح به الكيل وينتهي رصيد حلمه فيكون رد فعله قويا بقدر ما يستحق ذلك التصرف.. ولهذا يقول الحكيم العربي:
((اتق غضبة الحليم))
وقد صدق.
=3=
* * الإشاعات وإثارة البلبلة * *
أتساءل ماهدف من يصنع الإشاعات كافتعال حدث أوتعيين أوإعفاء مسؤول!
الإشاعة تثير البلبلة وتزعج المواطن والمسؤول
من يحب وطنه لايكذب عليه.
=4=
* * آخر الجداول * *
للشاعر د.إبراهيم بن عبدالرحمن التركي الذي أخذه بحر النثر عن نهر الشعر:
«لا تيأسوا فستعلو رايةٌ صدقت
وتستعيد القوى أسيافُنا الخشبُ/
ويخفق النصر في شامٍ وفي يمنٍ
بغداد تزهو وتأسو جرحها حلب»