بدأ موسم الحج وكما هو معلوم فإنه إضافة إلى الجوانب الدينية والروحية التي تميزه يعتبر موسماً فريداً بطبيعة أعماله وما يقدم فيه من جهود مختلفة. يهمني هنا جانب حيوي في موضوع الحج، ألا وهو اعتباره فرصة تعلم وتدريب وبحث وتطوير أفكار ومشاريع أعمال خلاقة، وذلك لخصوصيته المكانية وطبيعة تفاصيله المتضمنة أحد أكبر الحشود التي تجتمع في مكان محدود وتسير وفق نظام وطقوس محددة سلفاً في تفاصيلها لكن غالبية المشاركين لم يتدربوا على القيام بها مسبقاً، وذلك عند مقارنة بحشود عالمية كبرى. من هذا المنطلق أسأل عن مساهمات شباب وشابات مكة والمقيمين فيها في تطوير مشاريع أعمال إبداعية للتعامل مع أعمال الحج وصعوباته المختلفة.
ربما أكون قاسياً، لو حملت الشباب كل المسؤولية فأفكار المشاريع وآلية تطويرها ليست مجرد عواطف واجتهادات، بل تعليم وتدريب ودعم وتبني، من جهة تؤمن بهذا الأمر وتأخذه على عاتقها كجزء من مسؤوليتها الاجتماعية ومهامها في خدمة المجتمع وواجبها في تطوير كفاءة الشباب وتهيئتهم لمستقبل الأعمال.
هناك جهات عديدة يفترض أن يكون لها علاقة بهذا الأمر، لكن الجهة الأولى التي أوجه عتبي إليها هي جامعة أم القرى تليها بقية جامعات المنطقة كجامعة الملك عبدالعزيز وجامعة طيبة. جامعة أم القرى تعتز بكونها جامعة مكة وتعمل على بعض الأبحاث المتعلقة بالحج، لكننا نريد أن نراها تنشط في دعم شباب وشابات الأعمال من طلابها وطالباتها عن طريق توفير مقررات وبرامج تدريب على ريادة وتأسيس الأعمال وعن طريق إيجاد برنامج دعم لمختلف المشاريع المتعلقة بالحج، بما فيها تلك الصغيرة، ولو دعم محدود كبدايات. نريد أن تفتخر بعدد المشاريع الناجحة التي دعمتها جمعة أم القرى وأصبح أصحابها رجالاً أو سيدات أعمال، وأصبحوا يقدمون خدمات لحجاج بيت الله وما يتعلق بموسم الحج.
أنا أرى بأن موسم الحج مجال لتوليد العديد من مشاريع الأعمال الصغيرة وشباب وشابات مكة، أقدر وأعرف بما يناسب الحج والعمرة من أعمال وخدمات، وجامعة أم القرى والجامعات المجاورة يجب أن يكون لديها برامج لمشاريع الأعمال التي يتوفر لها الدعم الحقيقي والفعال. بل إن التربية والتعليم يفترض أن يكون لديها اهتمام بهذا الأمر ضمن تعليمها الثانوي، حيث إن أفكار الأعمال تبدأ في حالات عديدة منذ سن مبكرة ومكة وشبابها أولى بأن مجد أفكارهم تخدم في هذا الموسم العظيم.
وما دام الموضوع يتعلق بالاستفادة من الشباب فإن البوصلة تتجه لموضوع التطوع، وليس هناك شك في كون شباب مكة مبادرين ومشاركين في خدمة الحجيج بشكل تطوعي عبر برامج الكشافة وغيرها من البرامج، لكن نريد تفعيلاً لهذا الموضوع بشكل أكبر. جامعة أم القرى يجب أن تحث إدارتها جميع الكليات بإدراج التطوع ضمن موسم الحج في مقرراتها التطبيقية، فطلاب الكليات الصحية يشاركون في المجال الصحي وطلاب العلوم الاجتماعية والشرعية في الإرشاد والخدمات الاجتماعية الأخرى وهكذا بتضمين المواد الجامعية، ذات العلاقة، فرصة تطبيق أو ممارسة أو تطوع لمدة أسبوع أو أسبوعين في موسم الحج.
دعواتنا لحجاج بيت الله بموسم حج مقبول وأمن، وتقديرنا الكبير لكل من يساهم في خدمة حجاج بيت الله.