تراجع سعر صرف الروبل الروسي إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة على خلفية العقوبات الغربية المفروضة ضد موسكو وتراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية, في وقت أعلنت الحكومة الروسية عن استعدادها لدعم الشركات الوطنية الواقعة تحت وطأة العقوبات الغربية, واعتبر الرئيس الروسي أن توسيع التعاون بين الدول المشاطئة لبحر قزوين سيساهم في تعزيز الأمن الإقليمي.
فقد ارتفع سعر صرف اليورو مقابل الروبل ليصل خلال تداولات بداية الأسبوع الاثنين 29 سبتمبر - أيلول إلى مستوى 50.06 روبل لليورو الواحد لأول مرة منذ 16 سبتمبر - أيلول الجاري, مرتفعاً بمقدار44 كوبيكا (الروبل = 100 كوبيك) مقارنة بآخر سعر إغلاق.
كما سجل سعر صرف الدولار الأميركي ارتفاعاً قياسياً أمام الروبل خلال بداية تعاملات أمس بمقدار 30 كوبيكا ليصل إلى مستوى 39.47، مرتفعاً بـمقدار 66 كوبيكا ولكن الروبل عزز موقفه وكبح جموح الدولار في تعاملات منتصف النهار.
وفي بورصة موسكو, تباينت مؤشرات السوق الروسية الموحدة خلال تداولات الاثنين 29 سبتمبر - أيلول، وسط ضغوط خارجية سلبية ناجمة عن الأزمة الأوكرانية، واستمرار تراجع الروبل.
واستمرت أسهم مؤسسة «سيستيما» المالية القابضة بالهبوط لتنخفض بنسبة 10% أمس، على خلفية الأحداث المرتبطة بوضع مديريها يفغيني يفتوشينكوف تحت الإقامة الجبرية بتهم الاختلاس والاحتيال.
ومن جهتها, أكدت وزارة الطاقة الروسية أن الحكومة ستقدم الدعم لشركات القطاع العام والقطاع الخاص المتأثرة بالعقوبات الغربية ضد روسيا، على حد سواء.
وقال نائب وزير الطاقة الروسي كيريل مولودتسوف الاثنين إن الحديث يدور أيضاً عن الشركات الأجنبية التي تنفذ مشاريع استثمارية مشتركة مع شركات حكومية.
وفيما يتعلق بمشاريع النفط الروسية المشتركة مع شركات طاقة أجنبية، أكد مولودتسوف أن روسيا قادرة على دعم وضمان عمليات الحفر والتنقيب عن النفط في بحر كارا والمخطط تنفيذها في العام المقبل، حتى لو توقفت شركة «إكسون موبيل» الأميركية عن العمل في المشروع المشترك مع شركة «روس نفط».
وكانت «روس نفط» وقعت في العام 2011، اتفاقاً مع «إكسون موبيل» بشأن التعاون في التنقيب وتطوير مقاطع بحرية في بحر كارا وحوض توابسي في البحر الأسود، ووافقت آنذاك «إكسون موبيل» على تغطية معظم التكاليف المرتبطة بأعمال الحفر الاستكشافية والتي بلغت أكثر من 3.2 مليار دولار، مقابل الحصول على حصة نسبتها 33% في مشروع التنقيب عن النفط في بحر كارا.
وفي الأثناء, أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن توسيع التعاون بين دول قزوين سيساهم في تعزيز الأمن الإقليمي وزيادة فاعلية مكافحة الإرهاب والتطرف وتهريب المخدرات.
وقال خلال اجتماع رؤساء دول منطقة بحر قزوين في مدينة أستراخان جنوب روسيا الاثنين 29 سبتمبر - أيلول إنه «على قناعة بأن مواصلة توسيع التعاون بين الدول الخمس (روسيا وإيران وكازاخستان وأذربيجان وتركمانستان) ستساهم في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي وزيادة فاعلية مكافحة الإرهاب والتطرف وتداول المخدرات وغير ذلك من التحديات والأخطار، وستعطي كذلك زخماً إضافياً للتطور الاقتصادي لدولنا وستزيد من قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية».
وأكد بوتين عزم الدول الخمس على التوصل إلى اتفاقات مقبولة بالنسبة للجميع ستسمح بتعزيز التعاون بينها.وأشار إلى أنه سيتم في ختام قمة قزوين تبني بيان سياسي سيكون حجر الأساس لاتفاقية حول الوضع القانوني لبحر قزوين الذي يتصدر اهتمام القمة الحالية بالإضافة إلى مسائل الأمن والاقتصاد.
وعقد الرئيس الروسي على هامش هذه القمة سلسلة من اللقاءات الثنائية مع زعماء إيران وأذربيجان وتركمانستان, حيث التقى نظيره الإيراني حسن روحاني للمرة الثالثة هذا العام، إذ سبق لهما أن تحدثا خلال القمتين الدوليتين في شنغهاي في مايو - أيار الماضي وفي دوشنبه في 12 سبتمبر - أيلول.
وتمحور لقاء بوتين مع روحاني حول سبل تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، إذ إن حجم التبادل التجاري بين موسكو وطهران ما زال في تراجع، بما ذلك في سياق العقوبات الأحادية الجانب التي فرضتها بعض الدول على إيران.
وفي عام 2013، سجل حجم التبادل التجاري تراجعاً نسبته 31.5%، ليبلغ 1.6 مليار دولار، وبلغت نسبة التراجع خلال النصف الأول من العام الحالي 16.6%.
وتطرقت المحادثات إلى سير تحقيق مذكرة التفاهم بين الحكومتين الموقعة في موسكو في أغسطس - آب الماضي، وأيضاً إلى أهم قضايا التعاون في مجال استخدام الطاقة الذرية في الأغراض السلمية.
ومن بين الاتجاهات الواعدة للتعاون توريد معدات النفط والغاز والطاقة الروسية إلى إيران.
وخصصت القمة التي احتضنتها مدينة أستراخان الروسية لرؤساء الدول المطلة على بحر قزوين لكيفية استغلال ثروات هذا البحر المغلق, بعد أن فشلت هذه الدول حتى الآن في الاتفاق على هذا الأمر منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991.
وكانت المباحثات المتعلقة بالوضع الجديد لبحر قزوين قد بدأت بعدما ارتفع عدد الدول المطلة عليه من اثنتين (الاتحاد السوفيتي وإيران) إلى خمس دول، في مطلع التسعينيات من القرن العشرين.
وطُرح على طاولة مداولات رؤساء الدول الخمس حينذاك موضوع تقسيم بحر قزوين.. ورفض عدد من الدول المعنية، بينها روسيا، هذا الاقتراح، واقترحت وضع ثروات البحر، والأخص الثروة النفطية والسمكية، موضع الاستغلال المشترك.
وهناك مسائل أخرى تنتظر الحل، مثل مسألة مد خطوط أنابيب النفط والغاز في قاع البحر. وتشدد روسيا على ضرورة أن ينال أي مشروع لإنشاء خط أنابيب الغاز أو النفط في بحر قزوين، موافقة الدول المطلة عليه كافة، في حين لا ترى أذربيجان، مثلاً، ضرورة موافقة جميع الدول على مشروع كهذا.