أكَّد محللون أن تصحيح سوق الأسهم كان منتظرًا بعد مواصلة ارتفاعه منذ بداية العام واقترابه من مستويات الأزمة العالميَّة، حيث تجاوزت عدَّة أسهم قممها التاريخية والسنوية، وذلك يتطلب عادةً جني الأرباح من قبل المستثمرين وتحصيل أرباحهم.
وقال المحللون لـ«الجزيرة» إن السوق السعودي بوجه عام في مسار صاعد للمدى الطويل والمتوسط، وما يحدث حاليًّا أمر طبيعي وصحي للسوق الذي يعيش مرحلة تصحيح عرضية مؤقتة داخل مسار أساسي صاعد فيه فرص واعدة للمستثمرين.
وأوضح المحلل مساعد السعيد، أن السوق شهد خلال الفترة القصيرة الماضية تذبذبات حادة نوعًا ما، أدت بدورها إلى تراجع المؤشر من أعلى قمة حققها في الرابع عشر من سبتمبر الماضي، عند مستوى 11159.50نقطة.
وارجع السعيد، تراجع المؤشر عن أعلى قمة وصل إليها لعدة أسباب فنيَّة وغير فنيَّة، حيث تمثلت الأسباب الفنيَّة في أن المؤشر العام كان يعاني من تضخم واحتقان بالمؤشرات الفنيَّة (المذبذبات) وكان يحتاج للتهدئة للتنفيس عن ذلك الاحتقان وأعطى تباعدًا سلبيًا بتلك المؤشرات على المسار اليومي، وذلك نتيجة للقفزات الأخيرة بعد إعلان السماح بدخول الأجانب للسوق مباشرة، حيث ترك المؤشر عامة والقياديات خاصة خلفهم دعومًا من دون أيّ اختبار لها، إِذْ لا بُدَّ من العودة لتأكيد تلك الدعوم المهمة التي كانت سابقًا مقاومات.
وأضاف: لو نظرنا لسهم سابك مثلاً، يُعدُّ المؤثِّر الأول الآن على المؤشر العام بعد تجاوزه في هذا الربع لسهم الراجحي، ونجد أن السهم بعد إعلان السماح للأجانب قفز بفجوة سعريه (gap-up) في الثاني والعشرين من يوليو الماضي عند 119 وسجل الأدنى 118.75، وقد كان الأعلى في اليوم السابق عند 115.57، أيّ أن هناك فراغ سعري لم تتم تغطيته بين الإقفال السابق والأدنى اللاحق، وحدث هذا قريب من قمة تاريخية، ما يعني فجوة منهكة (exhaustion-gap) ما يعني فنيًّا توقع العودة لإغلاق هذه الفجوة لاحقًا توافق ذلك مع وصول المؤشر العام موجيًا لآخر مراحل الموجة الدافعة الثالثة من الأولى الأساسيَّة، أيّ بداية دخوله بالموجة الرابعة التصحيحية. وأضاف: ما زاد من حدة التذبذب دخول عوامل أخرى كإعلان هيئة سوق المال لاكتتاب البنك الأهلي، والموافقة على طلب معادن زيادة رأس مالها عن طريق طرح أسهم حقوق أولوية بقيمة 5.6 مليارات ريال، بالإضافة إلى قرب موسم إعلانات الربع الثالث التي تكون فيها الصورة أوضح لتوقع أرباح العام كاملاً، هذا إلى جانب القرب من إجازة عيد الأضحى المبارك.
وبيَّن السعيد، أن هناك عوامل أخرى أثرت على السوق كالعوامل الجيوسياسيَّة مثل التطوّر الأخير الذي حدث باليمن، بالإضافة إلى دخول المملكة في التحالف الدولي الجديد للحرب على الإرهاب، حيث اجتمعت جميع هذه الجوانب لتمثل عوامل ضغط على السوق المهيأ أصلاً لعمليات جني أرباح وتصحيح عرضي طبيعي، ولكن في الأخير السوق سيأخذ مساره الأساسي الصاعد بعد امتصاص الأخبار المحيطة وانتهاء موجة التصحيح.
وخلص السعيد إلى أن السوق السعودي بوجه عام في مسار صاعد للمدى الطويل والمتوسط، وما يحدث حاليًّا أمر طبيعي وصحي للسوق الذي يعيش مرحلة تصحيح عرضية مؤقتة داخل مسار أساسي صاعد فيه من الفرص الواعدة للمستثمرين، لافتًا إلى أن قطاع البتروكيماويات، والقطاع المصرفي اللذين يعتبران المؤثرين الأكبر على المؤشر العام، فيهما من الفرص المستقبلية ما يجعل هذين القطاعين هدفًا للسيولة الاستثمارية سواء المحليَّة أو الأجنبية، وذلك لكون اقتصاد المملكة اقتصادًا ريعيًا، محور الارتكاز فيه النفط ومشتقاته وعليه يدور فلك الاقتصاد لدينا.
من جهته يَرَى المحلل هشام الوليعي، أن تصحيح سوق الأسهم كان منتظرًا بعد مواصلة ارتفاعه منذ بداية العام واقترابه من مستويات الأزمة العالميَّة، حيث تجاوزت عدَّة أسهم قممها التاريخية والسنوية، وذلك يتطلب عادةً جني الأرباح من قبل المستثمرين وتحصيل أرباحهم.
وقال الوليعي: الملاحظ أن تصحيح السوق أتى مشبعًا بعدة أخبار غير إيجابيَّة في نظر المستثمر وهي التي ساعدت على حدة هذا التصحيح، ولعل أولها الأجواء السياسيَّة المفاجئة في المنطقة من الاضطراب في العاصمة اليمنية، وقتال قوات التحالف الجاري في سوريا والعراق، بالإضافة إلى موعد اكتتاب البنك الأهلي التجاري الذي يترقبه المتداولون والمتوقع أن يستحوذ على نسبة من سيولة السوق نظرًا لحجم طرحه، ويأتي ثالثًا: موعد إعلانات الشركات للربع الثالث وغالبًا يتم التخارج من القطاعات والأسهم التي يُتوقَّع تدنِّي أرباحها أو تعرضها لخسائر وتوقع الوليعي، أن ينهي السوق تصحيحه مع بداية إعلان الشركات لأرباحها، ويعاود نشاطه الإيجابيّ لإكمال موجته الصاعدة التي مازال في منتصفها والمتوقع أن تستمر خلال العامين القادمين.