في يوم الأربعاء 15 من ذي القعدة 1435 رحل الصديق الصدوق سلطان القرناس بعد معاناة مع المرض الذي لم يمهله طويلاً، ذهبت إليه أثناء مرضه في مستشفى الملك خالد الجامعي زائراً لأطمئن عليه وقلبي يعتصر ألماً خوفاً عليه ورأفة بحاله وكان وقتها محاطاً بأسرته وأبنائه من حوله وهذا ما زاد من معاناتي، ولكن سلطان كان خلال زيارتي له صابراً ومحتسباً بل وبشوشاً، لم يستسلم للمرض بل ظل لسانه ذاكراً وحامداً وشاكراً لله جل شأنه، وكان على يقين تام بأن ما أصابه ما هو إلا ابتلاء من المولى عز وجل.
وبعد ستة أشهر من مرضه هاتفني الفقيد ودموعه تسبق كلماته، ظل لحظات لم يستطع الكلام فذهلت من الموقف الذي أبكاني.. أتدرون ماذا قال لي أربع كلمات (أبشرك إني شفيت تماماً).
لم أتمالك نفسي والفقيد أيضاً لم يتمالك نفسه من الفرحة بعد هذه البشرى السارة، وما هي إلا أشهر قليلة وتنقطع اتصالات وأخبار الفقيد إضافة إلى أنه لا يرد على اتصالاتي ورسائلي، لتأتيني رسالة من شقيقه نواف تؤكد أن سلطان تعرض لأزمة صحية أجبرته على ملازمة السرير الأبيض مرة أخرى وبدأت حالته تزداد سوءًا، وبدأ المرض الذي عاد له مجدداً يهاجم جسده الضعيف، ولكنه رغم ذلك ظل متمسكاً بصبره على قضاء الله وقدره إلا أن أنهكه المرض وشل حركته، وكان لي مع الفقيد محادثة هاتفية قبل رحيله بأسبوع واحد فقط، وكان خلالها يمر بأصعب حالاته الصحية، وأدركت ذلك من صوته الضعيف ولكنه رغم ذلك رحب بي كثيراً وشكرني على سؤالي الدائم عنه وكأنه كان يلمح لقرب ساعة الرحيل!! وبعد المحادثة بسبعة أيام فقط انتقل سلطان القرناس إلى رحمة الله تعالى، فكان رحيله صدمة على أشقائه سعود نواف ومحمد.. فيما كانت الصدمة أشد وأعظم على أبنائه نايف وقرناس وحرمه أم نايف الذين اعتادوا على عطفه وحنانه وتعامله الطيب، فكان أباً عطوفاً طيب المعشر رقيق القلب ولا يغضب أحدا، وكان قبل مرضه متواصلاً مع الجميع وكان حريصاً على القيام بواجباته الاجتماعية، يبادر بزيارة المريض ويحث رفاقه على الأعمال الصالحة عبر الرسائل بحثاً عن الأجر والثواب من الله.
اللهم يا ودد يا ودود يا ذا العرش المجيد يا فعال لما تريد اللهم إني أسألك بعزك الذي لا يرام وملكك الذي لا يضام وبنور وجهك الذي ملأ أركان عرشك، اللهم إني أسألك أن تنزل عبدك سلطان منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين، اللهم اجعل ما أصابه من مرض رفعة لدرجاته في الجنة، اللهم أمطر على قبره من سحائب رحمتك، اللهم اجعل يديه تقطف من ثمار جنتك، اللهم اجعل قبره روضة من رياض جنتك، اللهم وارزق أهله وأولاده الصبر ووفقهم جميعاً للدعاء له، فالمتوفى لا يحتاج سوى الدعاء والصدقة، أسأل الله العلي القدير أن يوفق أبناءه لما يحب ويرضى.