أشك أنك يا معالي الوزير سافرت عن طريق القطار، وخصوصاً درجة القافلة! أشك أنك جلست على كرسي الراكب الذي يتبرع مجاناً لهدم العمود الفقري بغضون أربع ساعات ونصف الساعة. أشك أنك جربت أن تأكل من الوجبات المباعة افتراضياً للبشر هناك وهي لا تصلح للاستخدام الآدمي لسوء جودتها!
أشك أنك اضطررت يوماً لإيقاف سيارة أجرة (ليموزين) في عرض الشارع، وتعرّضت لأكبر عملية اغتصاب للروح والمزاج بسبب رائحة سيارات الليموزين وسوء تعاملهم. ودعني أشك أيضاً أنّ إحدى محارمك اضطرّت للانتقال عبر سيارات الأجرة وتعرّضت للمضايقات سواء بمفاوضات السعر أو تحرشات السائقين!
أشك أيضاً أنك استخدمت أحد الحمامات العمومية على الطرق، أو سكنت في حي حديث اضطررت لأن يُحفر الشارع مقابل بيتك بعد أن يسفلت أربع مرات على الأقل: مرة للكهرباء، ومرة للاتصالات، ومرة لتمديدات الصرف الصحي ومرة للمياه.. ثم يترك الشارع مقابل بيتك كوجه مصارع تعرض لكدمات غيّرت ملامحه تماماً، ويبقى هكذا حتى يكتب الله لسيارتك الفرج بعد أن تتضرر بسبب حفر ونتوءات الشارع!
أعذر لي شكوكي الكثيرة سيدي الوزير الذي أقدرك كثيراً، لكني أهيب بك لو أنك حقاً جربت ما نجربه كمواطنين لسنا من الشخصيات المهمة vip، لما كنت تقبل أن يستريح ظهرك على كرسي وثير في تجربة نقل مريحة من كل النواحي، ثم تترك المواطن لعلاج آفات النقل وعواقبه في المملكة!
ما نعرفه أنّ قطاع النقل ظفر بنصيب الأسد من مخصّصات 2013 بضخ 265 مليار ريال.
ونعرف أنّ هناك مشاريع مستقبلية تنتظر في قوائم تطوير النقل منها: مترو الرياض وقطار الحرمين ومشروع قطار دول مجلس التعاون الخليجي وغيرها. لكن تنفيذ المشاريع في دولة نفطية وفي قطاع ذي ميزانية مليارية، لابد أن يراعي درجة من الجودة والجماليات والذوق والرفاهية. فإذا كان يهمنا عدد المشاريع، هناك من ينتظر أن تكون رحلته آمنة وممتعة ومريحة.
حسناً لو تجاوزنا المواطن. ماذا نقول لسياح بلد مركزي ومهم كالمملكة، حينما يهبط من المطار في أول مشهد له في المملكة هو حشد تظاهري كبير لسائقي الليموزينات النظاميين أو السائقين المخالفين في منافسة ضارية للظفر به ومن ثم نقله بسيارة عابقة برائحة الدخان والكاري، ثم بعدها يدفع سعراً مرتهناً بمزاج السائق لعدم تشغيل نظام العداد!!!
وأخيراً هي دعوة مني لك لتجربة أن تقف في عرض الشارع لإيقاف سيارة أجرة، أو تقف في طابور شراء تذكرة من درجة القافلة على إحدى رحلات السكة الحديدية. أو ابعث من المسؤولين بالوزارة من تثق به ليطلعك على ما أشرت إليه.
متأكدة أنها ستكون تجربة غنية ومفيدة لرجل كفء ومخلص كجبارة الصريصري الذي يتميز بدماثة الخلق والتواضع والإنجازات الكبيرة في وزارة مهمة أرى أنه من الخطأ أن تشوه أعمالها الكبيرة بمثل ما أشرنا إليه، بينما العلاج ممكن وسهل.