عندما تمكن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - طيب الله ثراه - من توحيد المملكة العربية السعودية عام 1351هـ, لم يكن أحد يتوقع أن تحقق المملكة الكثير من المنجزات التنموية المتلاحقة التي تم تحقيقها خلال فترة زمنية وجيزة لا تتجاوز الخمس والثمانين عاماً, وذلك قياساً على الظروف العصيبة التي كانت تعيشها المملكة في تلك الفترة. وأن ما ساعد على تحقيق وبناء المنجزات التنموية العملاقة في مختلف مناطق المملكة بعد توفيق الله سبحانه وتعالى, هو تلك العزيمة التي يتمتع بها أبناء هذا الوطن, في ظل قيادة حكيمة بدأت منذ وقت المؤسس الملك عبدالعزيز - عليه رحمة الله - وحتى قيادة عبدالله بن عبدالعزيز - وفقه الله.
وما من شك, فإن مناسبة اليوم الوطني هي مناسبة مواتية لأن نحاسب أنفسنا عن ماذا قدمنا لهذا الوطن خلال الفترة الماضية, وعما إذا كان بالإمكان تقديم أفضل مما تم تقديمه, فكل مواطن مطالب بأن يقف وقفة صادقة مع وطنه.
وإن من الأمور التي حظيت بالاهتمام الكبير من قبل قيادة هذا الوطن بهدف استكمال بناء التنمية السعودية هو ذلك الاستثمار الضخم في بناء رأس المال البشري, ويكفي للتأكيد على ذلك أن نشير إلى أن ما يزيد على 25% من حجم الموازنة المالية للدولة (1435-1436هـ) قد تم تخصيصه لقطاع التعليم بصفة عامة, وهو ما يعادل مائتين وعشرة مليارات ريال, منها 15% للتعليم العام و10% للتعليم العالي.
وقد أدى تخصيص تلك الأموال الضخمة على قطاع التعليم العالي أن بلغ عدد الجامعات الحكومية المنتشره في مناطق المملكة ثماني وعشرين (28) جامعة, كان آخرها الموافقة السامية على إنشاء ثلاث جامعات في كل من شمال جدة وحفر الباطن وبيشة, هذا إضافة إلى إنشاء إحدى عشرة (11) جامعة أهلية وعدد كبير من الكليات الأهلية, وقد حظيت تلك الجامعات الحكومية والأهلية بمختلف أنواع الدعم من قبل قيادة هذا الوطن, حيث خصصت الموازنات الضخمة التي أعانتها على تحقيق التميز الأكاديمي والبحثي المنشود, ناهيك عن بناء المدن الجامعية العملاقة لتلك الجامعات.
إضافة لذلك فقد وجَّه خادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس التعليم العالي, باستمرار برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي, حيث بلغ مجموع الطلبة الذين تم ابتعاثهم من خلال هذا البرنامج أكثر من مائه وخمسين ألف مبتعث ومبتعثة, وقد تم اختيار أفضل الجامعات العالمية لابتعاث أبنائنا وبناتنا لمواصلة دراستهم الجامعية العليا فيها, كما تم قصر الابتعاث على التخصصات التي تخدم الاحتياجات التنموية للوطن سواء في القطاع الحكومي أو الأهلي.
إضافة إلى ذلك, فقد وجه خادم الحرمين الشريفين بالاستمرار ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للمنح الداخلية, حيث يقضي هذا البرنامج بقيام وزارة التعليم العالي بدفع الرسوم الدراسية بواقع 50% من مجموع الطلبة والطالبات الدارسين في الجامعات والكليات الأهلية.
ما قلته عن دعم قطاع التعليم العالي هنا يمكن قوله عن بقية القطاعات التنموية الأخرى, والتي لم تتردد حكومتنا الرشيدة عن تقديم مختلف أنواع الدعم لها حرصاً منها على توفير الحياة الكريمة للمواطن السعودي.
ختاماً, في هذه المناسبة الوطنية الغالية علينا جميعاً, نتقدم بأسمى التبريكات لقائد مسيرتنا التنموية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رئيس مجلس التعليم العالي وولي عهده الأمين الأمير سلمان بن عبدالعزيز وولي ولي عهده الأمير مقرن بن عبدالعزيز, كما ندعو بالرحمة والمغفرة لموحد هذه البلاد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - طيب الله ثراه.