في كل عام لي موعد معكم أعزائي القراء للكتابة حول هذا الموضوع. ولا أبالغ بالقول بأنني قد كررت نفسي من خلال الكتابة عن هذا الموضوع ثلاث إن لم تكن أربع مرات.
ففي كل عام أكتب عن الهدر غير المبرر في استخدام الطاقة الكهربائية في المساجد, وفي كل عام أطالب بعدم تشغيل مكيفات المسجد كافة طوال ساعات اليوم, وفي كل عام أطالب المسؤولين في وزارتَيْ الشؤون الإسلامية والكهرباء والمياه بمعالجة هذا الموضوع, والعمل على وضع حد لهذا الهدر غير المبرر في استخدام الكهرباء, والعمل على وضع برنامج زمني لذلك، لا يتجاوز السنتين, يتم خلاله وضع جدار زجاجي، يفصل الصفوف الأمامية في كل مسجد عن بقية الصفوف بحيث يسمح برؤية الصفوف؛ إذ يؤدي ذلك إلى الترشيد في استخدام الكهرباء بما نسبته (68 %) من الطاقة الكهربائية.
وعلى الرغم من بعض الاتصالات التي تأتيني من قِبل بعض المسؤولين في الوزارتين (الإسلامية والكهرباء), ويتم خلالها التأكيد من قِبلهم أن هذا الموضوع هو محل الاهتمام, إلا أنني - ومع احترامي لهؤلاء المسؤولين - أؤكد لهم أن هذا الموضوع, وعلى الرغم من أهميته, لم يحظَ بالاهتمام اللازم, وما زالت الوزارتان مقصرتَيْن في معالجة هذا الهدر غير المبرر في استخدام الكهرباء في المساجد.
الطامة أن المسؤولين في الوزارتين يدركون أن السلوك التبذيري في استخدام الكهرباء لدينا في المساجد وغيرها أدى إلى ارتفاع معدلات استهلاك الكهرباء في المملكة؛ إذ ينمو بمعدل (11 %) سنوياً, في حين أن متوسط النمو العالمي في استهلاك الكهرباء هو (3,5 %). والطامة أن المسؤولين في الوزارتين يدركون أن نسبة الهدر في الكهرباء في مساجد وجوامع المملكة قد تجاوزت نسبة (70 %)؛ ما ترتب عليه زيادة الأحمال؛ ومن ثم كثرة انقطاعات التيار الكهربائي خلال فترة الصيف عن الكثير من الأحياء السكنية.
والطامة أنه، وبعد تلك المطالبات المتكررة بتركيب الجدار الزجاجي في جميع المساجد في المملكة، التي يتجاوز عددها (90000) تسعين ألف مسجد, نجد أن المساجد التي تم تركيب تلك القواطع الزجاجية بها لا تزال تشكّل نسبة ضئيلة.
ولا أدل على ذلك من تصريح لمدير فرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة القصيم، نُشر قبل أشهر عدة، أوضح فيه أن (23) مسجداً فقط بمنطقة القصيم قد اكتمل تنفيذ تركيب القواطع الزجاجية فيها كمرحلة أولى. ويكفي للتأكيد أن هذا الموضوع لم يحظَ بالاهتمام اللازم من المسؤولين في وزارتَيْ الكهرباء والشؤون الإسلامية أن تعلموا أعزائي القراء أن عدد المساجد والجوامع في منطقة القصيم يزيد على سبعة آلاف ومائتي مسجد (7200).
ختاماً, الطامة المؤكدة للتعامل السلبي من قِبل وزارتي الكهرباء والشؤون الإسلامية مع هذا الموضوع هو ما نشرته صحيفة الاقتصادية الأسبوع الماضي (الأربعاء 22 ذي القعدة 1435هـ) بأن حجم استهلاك المساجد من الطاقة الكهربائية خلال عام 2013م يبلغ (2356) مليار واط/ الساعة, وأن ذلك يفوق استهلاك القطاع التعليمي والصحي الأهلي (1850) مليار واط/ الساعة، وكذلك يفوق استهلاك المستشفيات الحكومية (2177) مليار واط/ الساعة, كما يزيد أيضاً على استهلاك الإنارة العامة في المملكة (2944) مليار واط/ الساعة.
وبعد تلك الأرقام المفجعة, هل تعذرونني أعزائي القراء لتكرار الكتابة حول هذا الموضوع؟ وهل تتفقون معي بأن هناك تقصيراً غير مبرر من قِبل منسوبي وزارتَيْ الكهرباء والشؤون الإسلامية في التعامل مع هذا الموضوع المهم؛ ما أدى إلى هدر غير مبرر للمال العام؟ وهل تتفقون معي بأنه يجب أن تتدخل الجهات العليا لوقف هذا الهدر غير المبرر في استخدام الكهرباء في المساجد طالما أن وزارتَيْ الكهرباء والشؤون الإسلامية قد وضعتا في أذن طين وفي الأخرى عجين؟