أرض الوطن ووطن الأرض

إن الوعي الكامل بمعاني الوطن؛ حزم من الانتماء, والولاء العميق, بأن ذلك الحضن يجب أن يبرّ؛ فالانتماء فطري وطبيعة بشرية؛ قال تعالى (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ) سورة النساء آية (66).

إن الحديث عن الوطن شحنات قوية وطاقات باعثة تتهادى فيها الكلمات، فتعلو على النسق المعتاد وتصبح لغة متفردة، وعالم أثير؛ عليه مسحته التي تتعالى عن الواقع، مما يجعلها أهلاً لذلك الخطاب المتفرد عن الوطن، وللإعلان عنه، وحين ذاك تشرئب أعناق اللغة مجلجلة، وكأنها تستقبل أنواراً قادمة، تتسع نطاقاتها وطاقاتها لتتعانق مع عشق أزلي لوطن الأرض وأرض الوطن، وتدنو منها محملة بالماء ؛ يسح ويهمي ويفيض بالخير والنماء، وعندها يكون الحصادُ الشهي، ويكون للوطن يومه الذي ولد فيه، وتتراءى عند ذاك الحلل التي تسوقها لنا هدايا ذلك اليوم، فنترنم بها؛ وتقفوها خيالاتنا ومشاعرنا، متوجة بكل الفنون وبأبهى صياغات التمجيد، وشكول الدهشة.

صحراء ُ نجدٍ أشرقتْ أنوارا

ثم انحنت قمم الحجازِ وقارا

واستحيتِ الدهناءُ من دهمائِها

لما أُبيحت للإمام جهارا

والشاطئُ الشرقيُّ أقبلَ منشداً

حتى استحالَ هديرُه أوتارا

ومآذن البيتِ الحرامِ تبسمتْ

لمنابرِ الحرمِ الشريفِ فخارا

وتساءلَ الجوفُ القصيُّ لما جَرىَ

فأجابه سهلُ الجنوبِ مرارا

ذاك الإمامُ أتتْ به آمالنا

ليكون لليلِ الدجيِّ نهارا

ذاك الإمامُ علتْ به هاماتُنا

وتشرفتْ أقدارُنا أقدارا

ذاك الذي صنعَ الخلودَ لشعبهِ

وبنى على حصنِ الخلودِ شعارا

عبدُالعزيزِ عريبُ كلِّ مُعرّبٍ

ابنُ السعودِ له السعودُ خِيارا

حتى إذا ورثَ الأباةُ عرينَه

صاغوا لهم في المكرماتِ سوارا

وتسابقوا نحوَ الفضائلِ والتُقى

وتربعوا عرشَ الملوك كِبارا

واليومَ عبدُالله نبضُ قلوبِنا

ويعانقُ الأسماعَ والأبصارا

ذاك الذي استغنى الجميعُ بجودهِ

واستأمنَ المُستضعفُ الأخطارا

من قال إنّ البحرَ غيثُ يمينه

قد خالَ إنّ شمِاله الأنهارا

يا خادمَ الحرمِ الشريفِ استُصغرتْ

كلُّ المعاني أيَّمِا استصغارا

واحتار فيك الشعرُ كيف يصوغُ

في حسناتِ مَنْ حسناتُهُ أشعارا

جادتْ لك الأنواءُ مِنْ أندائها

غيثاً يسحُ وغيمةً مدرارا

وحماك ربُّك باليقينِ وبالنهي

وأدامَ عزَّ الملكِ ليلَ نهارا

وختاما،،

إن وشائج الوطن في بلادنا؛ تضرب بجذور متينة في ركاز المجد تنزع إلى الأصالة، وترتبط بمبدأ قويم، يفيض عدلا وفضلا ومثالية متصلة بأرواحنا؛ ومتعلقة بالقيم النبيلة التي دائما ما تكون جديرة بالاحتفاء والفرح وإعلان الاستحقاق الأول والأخير لهذه الأرض لنحملها فوق الهامات؛ ونباهي بها الأمم. ونتباهى بعزائم الرجال الذين صنعوا ذلك الشموخ، يقودهم ملك استثنائي ؛فلقها فكان كل فرق كالطود العظيم؛ نلتقي عرائس امجاده، ونشعل. فوق ثراها دروبنا نحو مستقبل لا أحلى ولا أبهى منه؛ هو مضمار حياتنا، نتقابل في دروبه، ونتواشج في قلوبه ونواحيه, ونشتم رحيق وده، ونلتقي في حياضه الجميلة الممتلئة بالغدران، والحواشي الصحراوية؛ التي ترحب بكل طارق، وتنافس على إكرامه سوانح السحب، ووميض البرق، وطاقات الورد الجذلى التي تحيط بالغيد.

في سماء الوطن نماذج تسكب قصائد الأخلاء، تغار من رويها الحسان؛ حينما يكون الوصف مقترنا بما يكون في جوف الوطن وروضه،،

عيناك لي زاد ولي وطن

تاهت على شطآنها السفن

وطني قصائد عشقنا

تروى مع الأزمان لحنا

كلماتها نقشت على

جدر الفؤاد هوى ومعنى