ثلاثية الأم والأرض والوطن كائنة في كل فرد يبذل حياته وماله فداء لها، فالأرض هي الأم الأولى وحبها مغروس أو هي غريزة إنسانية أو هي تبادل وتعاون وتعاضد وتآزر إصلاح بين الفرد والأرض، فكل منها يصلح الآخر ويعايشه، من هنا تكون الحب، فالأرض خلق الإنسان منها وفيها ومنها معاشه وإليها مآله ومصيره، والأم حملت الإنسان كرها ووضعته كرها، وحب الأم لابنها منذ بداية حياتها فهي تحلم بالأمومة ويتواصل حبها مع الأم الحمل في سائر المراحل ومعاناة التربية في سائر العمر، والأرض هي الوطن الذي رأى الفلاسفة إنها الأم فجمعوا بين الأم والوطن، فالأرض أمنا كما يقول العقاد، وكل فرد يحمي أمه ويفيض عليها من الحب ويشدو بها داعيا لها وعاملا على رضاها، ويقوم بكل إمكانية للدفاع عنها ولصحتها ويبذل ماله لسعادتها وهي عنده المثل الأعلى الذي لا مساس فيها منزهة عن كل العيوب ولو عرف بعضها، فهو يحاول الإصلاح من قبيل الحب، فمن يترك أمه أو وطنه أو أرضه للآخرين ومن الذي لا يدافع عن أمه مادام الوطن هو أمنا جميعا، فنحن إخوة في الوطن كما نحن إخوة في الدين، فهذا الوطن مصدر حياتنا كما أرادها الله وهذا الوطن مصدر بداياتنا خلقنا الله فيه من ذكر وأنثى وجعلنا شعوبا وقبائل متعارفة متآزرة وجمع كلمتنا حول لغة، فكل فرد يفتخر بلغته في كل الكون وعربيتنا نبع وطننا وأرضنا أرض الأنبياء، وأرض خاتمهم، ودولتنا الراعية لوطننا تقيم شريعتنا، وتبني حضارتنا التي نعيش في خيراتها ونهنأ في نعيمها بعد أن أمنت البلاد والعباد ونشرت العلم والعدل. إن عيوب الوطن هي عيوب الأم فيجب ألا تحول دون حب الأم وحب الوطن، وهذه سنن الحياة فالوطن أولا ثم ما يتعلق بالفرد ورغباته التي يظنها صائبة ربما تكون لاشية فيها بجانب الحفاظ على الكيان العام الذي أنزلك هذا المنزل، لكن يجب عليك الإصلاح بالحسنى، ويكون ذلك في فرديتك فإصلاحك صلاح للوطن، وأن ترى واجب الوطن عليك وتبذل كل قدراتك العقلية والعملية والإصلاحية لك ولأسرتك ولمن تقدر، وكل له متطلباته ونظامه، فالوطن حماية للفرد بإذن الله والوطن حماية للأمن، والوطن منبع الرزق والوطن بيت أسرتك وذريتك فانظر لعطائه قبل عيوبه، وتأمل وجوده وتأمل اندثاره لا قدر الله، تأمل الحياة قبل وجوده وتأمل الحياة في هذا اليوم ثم حاول البناء وحمل الأمانة في عملك وواجبات الوطن عليك صغيرها وكبيرها، إنها الأمانة التي يسألك الله عنها ثم يسألك عنهال فرد في الوطن فأنت أمين على جوانب سخرك الله لها.
اللهم لا تجعلنا فتنة للذين كفروا ولا تجعلنا فتنة لأنفسنا واحمنا من أن يتسلط بعضنا على بعض واجعلنا متعاونين واعين بأهمية الوحدة ومقدرين لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله وولي عهده الأميرسلمان بن عبد العزيز وسائر المخلصين من أبناء هذا الوطن جمعنا الله على الخير وسدد نياتنا وعقولنا وأعمالنا أنت القدير يا ربنا، احفظنا فأنت خير الحافظين.