كنت أشاهد فيلماً وثائقياً عن الصعوبات التي يواجهها بلد يقود العالم، وهو الولايات المتحدة الأمريكية. صعوبات تعني المواطن العادي في التعليم العام، وبشكل أكبر في التعليم العالي، والقدرة لدى العائلات كما الطلاب أنفسهم على دفع الرسوم المتزايدة باستمرار، في وقت تحولت فيه الجامعات إلى مراكز اقتصادية ضخمة. ورغم دفع الحكومة بإصلاحات وفواتير لتخفيف العجز إلا أن المشكلة كبيرة، ويُخشى من تفاقمها.
أيضاً، في الوقت نفسه، وُجِّهت انتقادات حادة لبرنامج الرعاية الصحية التأمينية (برنامج أوباما كير)، وسط معاناة واسعة لتغطية تكاليف الرعاية الصحية للمواطنين. يحدث هذا في بلد هو الأفضل جودة وتقدماً لناحية المؤسسات التعليمية والخدمات الطبية، إلا أن حصول المواطن عليها ليس سهلاً أو ممكناً، بل يتعذر دون مقابل دائماً.
تبقى الاحتياجات الأهم (الصحة والتعليم) لكل شعوب الأرض، ثم يأتي العمل والسكن بعد ذلك.
دعونا قليلاً من الصورة المثيرة حولنا في العالم العربي، واشتباكات الواقع المرتبك في أكثر من بلد، كما كل الإشكاليات العميقة الظاهرة على السطح.. ركز نظرك الآن باتجاه الوطن.. للدخل السعودي المبهر..
في المملكة العربية السعودية حيث نحتفل ابتهاجاً بيوم العيد الوطني المجيد الرابع والثمانين، مهم أن نتذكر بفخر وبطموح وتطلع في الوقت ذاته ما يتوافر لدينا من خدمات صحية وتعليمية هي الأفضل في المنطقة، في الوقت الذي تقام فيه مشاريع توسعية لا تنقطع لهذين القطاعين اللذين يواجهان تحديات نمو مستمر.
والحقيقة أن المنشآت والخدمات الطبية العسكرية والمدنية، التخصصية والخاصة، تتنافس لدينا بشكل لافت، وأصبحت إقليمياً وعربياً هي الأهم والمقصد، ومن المتوقع الإعلان قريباً عن مشروع مدينة طبية، هي الأضخم في المنطقة الشرقية.
هناك عمل حقيقي ومنجزات تتحدث عن نفسها على صعيد الجامعات المحلية التي أصبحت في كل مدينة تقريباً، كما دخول الجامعات الأهلية في سباق التنافس العلمي والتأهيلي وجودته.
أضف لذلك الابتعاث الداخلي والخارجي.. نحن نتحدث عن أكثر من ربع مليون سعودي درسوا ويدرسون الآن في كل بلاد العالم تقريباً، برعاية كاملة للرسوم الدراسية ومرتبات شهرية، ويحققون قصص فخر ونجاح باهرة لبرنامج الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث، الذي يُعدّ بحق أهم مشروع سعودي تاريخي على الإطلاق للتنمية البشرية.
ثم لننظر لحجم الجهد والمحاولات الحثيثة والحقيقية لتوفير فرص عمل، وتوسيع سوق العمل للسعوديين في مختلف الاتجاهات، كما إقرار نظام حافز للرعاية حتى تحقيق فرصة عمل جديرة لأبناء وبنات الوطن.
في المقابل، وفي موضوع الإسكان، لا بد أن نستشعر حجم العمل والمحاولات التي تتكرر من أجل حصر هذه المشكلة وحلها. ورغم الجدل في بعض الجوانب التنفيذية إلا أن الحلول بدأت، والنتائج ستظهر تباعاً.
إننا أمام عمل تنموي حقيقي، لا يتوقف، يقوده الرجل الاستثنائي الملك عبدالله بن عبدالعزيز, يجعلنا نتجاوز عقوداً من الهدوء التنموي لحل مشكلات ظلت راكدة لدرجة تعقدها لسنوات، بل لعقود مرت.
إلا أن المنجز.. وما يتحقق في هذه المجالات تحديداً، وفي غيرها، من الرياضة للنقل وللتجارة والصناعة والتطوير.. يجعلنا اليوم في عرس الوطن نطبل بفرح وفخر مستحق؛ ليسمعنا الجميع على امتداد تراب الوطن.. بل على امتداد الكون كله..
نفخر بالسعودية اليوم..
وتفخر كثيراً بقائد المرحلة التاريخي عبدالله بن عبدالعزيز، الذي يقودنا نحو المستقبل في مسارات تتنافس وتتعدد في جزالة عطائها.. ونوعية خاصة لنتائجها في عقل وقلب الأجيال الحالية والتالية.