تنفس رؤساء الأحزاب المترشحين للانتخابات الرئاسية القادمة الصعداء وهم يتابعون خطاب رئيس الحكومة المهدي جمعة الذي أعلن فيه عدم ترشحه للرئاسة، مثلما كان يشاع في الأسبوع المنقضي. وأثنت القيادات الحزبية بلا استثناء على قرار جمعة «الحكيم» المستند إلى بنود خارطة الطريق التي أتت به إلى قصر القصبة... ولكنه أكد أنه لم يحلم يوماً بقصر قرطاج.
وكانت أخبار مؤكّدة راجت طيلة الأيام القليلة الماضية مفادها اعتزام رئيس الحكومة الترشح للرئاسية على الرغم من أن خارطة الطريق تلزمه بالعكس، وأصيب الحالمون بقصر قرطاج في مقتل، باعتبار أن للرجل شعبية لا تضاهيها شعبيتهم مجتمعين، واستناداً إلى نتائج عمليات سبر الآراء المحلية والأجنبية، فإن جمعة أضحى يحتل المرتبة الأولى في سلم رضا التونسيين عن رجال السياسة، متقدماً بذلك على قيدومهم الباجي قائد السبسي وعلى كل الذين يفوقونه تجربة ونضالاً.
وكان جمعة شدد في خطابه ليلة أول أمس الأربعاء، بأنه ملتزم ببنود خارطة الطريق ويحترم أخلاقيات العمل السياسي وتعهداته تجاه التونسيين، مجدداً عزمه وفريقه الحكومي على إنجاح المسار الانتخابي الذي سيفرز حكومة جديدة تتولى أخذ المشعل عن حكومة التكنوكراط، مشيراً إلى أن موقفه في خصوص عدم الترشح لم يكن نابعاً من حجم الضغوط المسلطة من الأطراف الرافضة لترشيحه كما نفى علمه بحقيقة الحملة التي انطلقت لجمع التزكيات لترشيحه نافياً أية علاقة له بها.
ولم تخف هذه القيادات الحزبية استبشارها بعدم ترشح جمعة الذي أربك حساباتها وجعلها تعيد ترتيب أوراقها من جديد، حيث «هللت» الجبهة الشعبية اليسارية بقرار جمعة بعد أن كانت شكلت مع اتحاد الشغل أبرز جبهة معارضة لترشح رئيس الحكومة للرئاسية، واعتبرت أن قرار جمعة يتوافق مع جوهر التزاماته السياسية والأخلاقية النابعة من الحوار الوطني. وشددت الجبهة على لسان أحد قيادييها على أن هذا القرار يساهم في نزع فتيل التوتر في الساحة السياسية.
وكان مصدر نقابي صرح بأنّ عدول المهدي جمعة عن الترشح للانتخابات الرئاسية، التي كان من المفترض أنّه غير معني بها بناءً على خارطة الطريق والتوافقات التي رشحته عن الحوار الوطني، تعزى أساساً إلى الفيتو الذي رفعه في وجهه الاتحاد العام التونسي للشغل الذي رفض رفضاً قطعياً الفكرة.
وفي الشأن الأمني قال رئيس الحكومة: «إنّ المخاطر تأتي من إصرار المنظمات الإرهابية التي لا تعترف بنمط الدولة وتعمل على إفشال هذه المرحلة لكن أقول لهم نحن محصنون بأمننا وبما تعلمناه من مقاومة الإرهاب وبشعبنا وبدولتنا».. مضيفاً: «عندما نتحدث عن المخاطر فإنما الغاية من ذلك أن نظل متهيئين.. فنحن في حرب... والحرب لا تنتهي في يومين.»
كما أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الوطني المقدم بلحسن الوسلاتي أن عمليات التعقب والقصف المركز والدقيق التي قامت بها وحدات الجيش الوطني بمرتفعات الشعانبي والسمامة خلال الثلاثة الأيام الماضية تسببت في إرباك تحركات الإرهابيين، مما ساعد على القضاء على عنصرين منهم في عملية «مزرق الشمس» بمحافظة القصرين. وأوضح الوسلاتي أن العمليات العسكرية التي نفذت مؤخراً أجبرت المجموعات الإرهابية على التحرك باتجاه البحث عن مناطق جديدة للتخفي، أو محاولة مغادرة التراب التونسي، مضيفاً أنه تم القضاء خلال العملية العسكرية والأمنية، التي جرت الليلة الفاصلة بين الثلاثاء والأربعاء، على العنصر الخطير جزائري الجنسية، المكنى بـ»أبو أيمن»، مرجحاً أن يكون العنصر الثاني الذي لقي حتفه في نفس العملية جزائري الجنسية أيضاً.