عندما تنقل واشنطن حملتها لقصف مقاتلي داعش إلى سوريا فإن أقصى ما يمكن أن تنتظره على الأرجح من واحد من أقرب حلفائها في المنطقة سيكون القبول على مضض. فقد أوضحت تركيا العضو بحلف شمال الأطلسي والتي تستضيف قاعدة جوية أمريكية كبيرة ولها حدود طويلة مع العراق وسوريا أنها لا تزال غير مقتنعة بخطط الرئيس الأمريكي باراك أوباما لقصف مقاتلي داعش.
وفي حين حصلت واشنطن الأسبوع الماضي على تأييد من عشر دول عربية -مصر والعراق والأردن ولبنان والدول الخليجية الست- على تشكيل تحالف عسكري، فإن تركيا حضرت المحادثات لكنها لم توقع.
ويقول مسؤولون أمريكيون وأتراك إن من المحتمل أن يقتصر الدور التركي على وقف تدفق المقاتلين الأجانب الذين يعبرون حدودها والمساعدة في قطع خطوط تمويل داعش وتقديم دعم إنساني ولوجيستي. وقال مسؤولون أتراك إنه لا توجد خطط للسماح باستخدام القاعدة الجوية الأمريكية في انجرليك بجنوب تركيا في الضربات الجوية. وقال السفير الأمريكي السابق لدى تركيا فرانسيس ريتشاردوني في مؤتمر مع وسائل الإعلام في واشنطن عبر الهاتف الأسبوع الماضي إن تركيا في سعيها لدعم المعارضة تعاملت في السابق مع جماعات مثل جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سوريا وهو أمر تعتبره واشنطن «غير مقبول».
وترفض أنقرة أي تلميح لمسؤوليتها عن اتساع نفوذ داعش وتلقي المسؤولية كلياً على الأسد وسياساته التي دفعت الأغلبية السنية في سوريا للتطرف. وقال داود أوغلو يوم الثلاثاء خلال زيارة لقبرص «موقفنا واضح. نحن نعارض جميع أشكال التطرف والأنشطة التي قد تؤثر على الاستقرار والرخاء في المنطقة.
من يتهمون تركيا.. ينبغي أن يعلموا أن مسؤولية كل المذابح التي شهدتها المنطقة تقع على عاتق نظام الأسد الذي قتل شعبه وفتح الباب للتطرف .. فضلاً عن السياسات الطائفية في العراق».
ومن المستبعد أن تسمح تركيا للولايات المتحدة باستخدام قواعدها لشن ضربات جوية لكنها قد تلعب دوراً في خطط الولايات المتحدة بوصفها ممراً لنقل مساعدات لمعارضين آخرين للأسد تعول عليهم الولايات المتحدة للتصدي لداعش. وتطالب أنقرة واشنطن منذ فترة طويلة بتقديم مساعدات أكبر للمعارضة السورية «المعتدلة». وقال دبلوماسي غربي إن واشنطن كانت حكيمة في تركيزها على هذا الدور في المفاوضات مع تركيا.
وأضاف «دعم المعارضة السورية مهم لإضفاء الشرعية على العمليات (في أعين أنقرة). وحتى الآن تجيد الولايات المتحدة قراءة الوضع» مضيفاً أن أردوغان لن يرغب في الإضرار بالعلاقات مع واشنطن في نهاية المطاف. وقال مسؤول رافق وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الأسبوع الماضي «ثمة قضايا عدة. إحداها المقاتلون الأجانب.
الحدود مليئة بالثغرات رغم حدوث تحسن لكن هناك حاجة لتحقيق تحسن أكبر.» وتتمثل قضية أخرى في وقف عمليات تهريب النفط التي تقول واشنطن إنها أحد مصادر تمويل مقاتلي داعش. وإذا أدت الحملة الجوية لتفاقم أزمة اللاجئين سيقع جانب كبير من المشكلة على عاتق تركيا.
وتحدث أردوغان هذا الأسبوع عن خطط لإقامة «منطقة عازلة على الحدود» في إشارة إلى تشديد أنقرة الرقابة على اللاجئين النازحين في المستقبل.