يخوض الهلال غداً الثلاثاء واحدة من أهم مبارياته في المواسم الأخيرة؛ كونها خطوة متقدمة في الطريق نحو الحلم الآسيوي، وهي كذلك تمثل - رغم صعوبتها - فرصة قد لا تتكرر كثيراً للهلال الذي يقدم نفسه هذه المرة كفريق مؤهل لإحراز لقب البطولة..
قلتها سابقاً، وأكررها اليوم، نجوم الهلال، وتحديداً أصحاب الخبرة السعوديين وغير السعوديين، هم من تتوافر فيهم مقومات وعوامل وأدوات ودوافع الفوز، وهم من تقع عليهم مسؤولية دعم وتحفيز وقيادة زملائهم بأسلوب متوازن يتناسب مع أجواء المباراة، بلا ضغط زائد ولا تراخٍ، وإنما اللعب بروح قتالية وتركيز عالٍ واحترام واهتمام بقوة وطموح فريق متكامل بحجم وإمكانات فريق العين، وخصوصاً في لقاء كهذا، لا يحتمل أقل الأخطاء، سواء من المدرب أو اللاعبين، إضافة إلى أن التعويض في مثل هذه المواجهات سيكون صعباً، وربما مستحيلاً..
بقي أن أقول: مثلما أن اللاعبين يطالبون الجماهير بالحضور والمساندة، كما في المباريات الآسيوية السابقة، فإنها هي الأخرى تريد من اللاعبين تقديم المستوى اللائق بمكانة وقيمة الهلال المثمن لوقفات الجماهير الدائمة والمشرفة مع الفريق؛ ما جعلها هي الأكثر والأشهر والأميز على مستوى القارة. دعواتنا لممثل الوطن بالتوفيق، وأن يتمكن من استعادة مجده وزعامته وتفوقه آسيوياً..
لوبيز الأفضل
لا أدري لماذا جعلنا من مدرب المنتخب لوبيز قضية وأزمة لمجرد أننا خسرنا من أستراليا ودياً 2/ 3؟ يحدث هذا بلا مبررات وأسباب مقنعة، وفي توقيت يحتاج فيه الأخضر لاكتساب المزيد من الثقة والهدوء والاستقرار، وعزله عن هموم وصراعات وصخب الأندية..
بالتأكيد، للمدرب لوبيز أخطاء كحال أي مدرب في العالم، وصحيح أن له تصريحات وآراء، نتج منها ردود أفعال غاضبة، خاصة في موضوع الحارس عبدالله العنزي، الذي أرى أنه مشكلة إدارية، وكان من المفترض أن يتدخل اتحاد الكرة ويحسم الأمر، ويوضح حقيقة ما يجري، لا أن يترك لوبيز وحيداً يواجه سخط وانتقادات واتهامات الإعلاميين والمشجعين وأيضاً الإداريين..
قياساً بما تحقق للمنتخب في التصفيات الآسيوية وصدارته لمجموعته، التي تضم العراق والصين وإندونيسيا، نجد أن لوبيز قدم عملاً ناجحاً إلى حد كبير؛ وبالتالي فإن تقييمه العادل لا يكون بخسارة طبيعية ومقبولة في مباراة تجريبية أمام منتخب مرموق، شارك في مونديال البرازيل الأخير، ولا في إجراء إداري من مسؤولية غيره، وإنما في طريقة إشرافه، وبحسب ما تسفر عنه نتائج ومستويات المنتخب، وهذه تأتي لصالحه، وتشفع له بالاستمرار، ليس فقط إنصافاً له وإنما لفائدة المنتخب الذي عانى كثيراً من غربلة المدربين..
كفاية إفساداً!
ما الذي جعل الوسط الإعلامي الرياضي مكروهاً لدرجة أن العقلاء فيه أصبحوا يتذمرون منه قبل وأكثر من غيرهم؟ لماذا لم يعد الانتماء إليه مغرياً ومدعاة للفخر والتباهي والاعتزاز؟ من الذي هبط به إلى هذا المستوى المتدني الخطير والمسيء لسمعة الإعلام السعودي والمفسد لرياضة الوطن والمربك لمنسوبيها والمحبط لجماهيرها؟ من المستفيد من هذه الأجواء المحتقنة المتأزمة؟
تردد في السنوات الأخيرة أن هنالك جيلاً صحفياً جديداً، سيتفوق على الأجيال السابقة، وأنه من خلال المطبوعات الناشئة وتقنيات التواصل الاجتماعي الحديثة وتعدد القنوات الفضائية سيكون المنقذ والمطور للرياضة والإعلام السعودي، لكن الأيام أثبتت العكس تماماً؛ فصرنا نشاهد ونسمع ونقرأ أطروحات وآراء وعبارات أسوأ وأبشع بكثير من تلك التي تحتويها منتديات الأندية، وتصدر من المشجعين في المدرجات. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، وإنما رأينا إعلاميين كباراً وقد تأثروا وتفاعلوا وانخرطوا في هذه المعمعة لإثبات أنفسهم وحضورهم بأية طريقة كانت، حتى لو على حساب كرامتهم وتاريخهم. المفجع والمؤلم أن مفهوم النجاح الإعلامي عند الكثيرين لا علاقة له بالمصداقية وباحترام عقلية المتلقي، ولا بالتميز والتفوق والإبداع مهنياً، بقدر ما يتحقق برفع الصوت، وباستخدام لغة الشتم والإيذاء والكذب والتجني والتهكم على البشر. وزاد الوضع سوءاً أن هؤلاء الرعاع أصبحوا البضاعة السائدة والمطلوبة والمسوقة لبرامج الإثارة المبتذلة..
الأكيد أننا أمام كارثة تدمير وتلويث ثقافة وعقول وأفكار الشريحة الأكثر عدداً والأسهل تأثراً في مجتمعنا السعودي الجاهز للتفاعل معها؛ لذلك لا بد من تحرك سريع وجاد من الجهات المعنية الحكومية والأهلية، وكذلك اتخاذ موقف أدبي وأخلاقي ومسؤول من الوسائل الإعلامية نفسها لإيقاف نزيف وخطر هذه الفوضى المتصاعدة.