«فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ».
لو كنت مسئولاً لخجلت أن يقترن اسمي بعمل هزيل لا قيمة له، فقط كي أبقى في دائرة الضوء!
ولو كنت مسئولاً أؤتمنت على عمل يخدم مصالح الناس لترددت ألف مرة قبل أن أضع ريالاً واحداً في البروبجندا التي لا تترك شيئاً خلفها سوى فلاشات ضوئية سرعان ما تذهب، بل إنها فلاشات تستفز مزيداً من الحنق عليه وعلى مؤسسته التي ينتمي إليها.
ولو كنت مسئولاً لانشغلت بما ينفع الناس ويبقى للأجيال القادمة، فالتاريخ يذكر الأعمال الكبيرة ويسجلها لأهلها حتى لو ظهرت نتائجها بعد حين!
لا أدري كيف يظن بعض المسئولين أن الناس لا يملكون القدرة على التفريق بين الزَبد وبين ما ينفع الناس؟
لا أدري كيف يظن بعض المسئولين أن الزبد يمكن أن يبقى أو يتحول إلى شيء ذي قيمة مهما كثر وأرغى، مع أن القاعدة الهشة لا يمكن أن يبنى عليها بناءً متيناً!
إن مشكلتنا اليوم ليست مع كثرة الأفراد عديمي الفائدة والبطالة المقنعة وبواقي الزمن القديم من المحسوبيات، بل المشكلة اليوم أن بعض هؤلاء الأفراد وصلوا إلى مواقع صنع القرار في بعض جهاتنا الحكومية بفعل المناطقية أو النفوذ أو المحسوبيات أو الشلل التي تنتقل من مكان إلى آخر مع أنها عديمة الموهبة والقدرة!!
مما أدى إلى طغيان العمل الهزيل الذي هو زيد يذهب لكنه يُذهب معه أموالنا ومقدراتنا ووقتنا وجهدنا ومستقبل بلدنا!
ولأن الأمر قد يتشابه عليهم فلا يعرفون معنى الزبَد فقد يظنونه الزبْد أي ما يعلو اللبن فقد رأيت أن أورد معنى زَبد الماء في معجم المعاني:
الزَّبَدُ: ما يعلو الماءَ وغيرَه من الرَّغوة عند غليانه أو سرعة حركته، {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً}: مَثَلٌ للباطل في اضمحلاله وفنائه، {فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا}.
والزبَد هو الخَبَث، ما يخرج من المعادن من نُفايات عند صهرها {وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ}.
يضرب الله بالزبد الذي هو الخبث وهو الزائل الذي لا نفع منه.