لا تزال وزارة العمل تصارع مشكلة البطالة وحدها، بعد أن تخلت عنها بقية الوزارات المعنية بخلق الفرص الوظيفية (وزارة التجارة والصناعة، وزارة الاتِّصالات وتقنية المعلومات، وزارة الصحة، هيئة السياحة والآثار، والبقية)، حيث إن هذه الوزارات مسؤولة عن تطوير الأعمال في القطاع الخاص.
كما كان متوقعًا، بوادر انهيار منظومة الأعمال في القطاع الخاص بدأت تظهر، وهذه البوادر هي ارتفاع عدد العمالة الوافدة مع أن الهدف كان إحلالها بالسعوديين، ارتفاع مجموع رواتب العمالة الوافدة 40 في المئة، ارتفاع متوسط رواتب العمالة الوافدة 25 في المئة، ارتفاع التستر والسعودة الوهمية، وأيْضًا خروج 200 ألف شركة من سوق العمل، إنشاء برنامج «ساند» الذي يُتوقَّع خروج سعوديين من أعمالهم لأسباب خارجة عن إرادتهم، حوافز ماليَّة للسعوديين الذين يبقون في أعمالهم لسنتين، وأيْضًا حوافز للشركات التي تنجح في إبقاء السعوديين على أعمالهم، أخيرًا تصريح وزارة العمل بأنها تحتاج إلى 14.9 مليار ريال سنويًّا لتصحيح سوق العمل.
جملةً وتفصيلاً، 9.7 مليون عامل في القطاع الخاص (سعوديون وعمالة وافدة) بمتوسط راتب شهري 2.134 ريال، يعني أنهَّم لا ينتجون سلعا ثمينة ولا خدمات تحرك الاقتصاد المحلي خصوصًا إذا علمنا أن مجموع رواتب العمالة الوافدة في القطاع الخاص 116 مليار ريال لعام 2013، وتحويلات (العمالة الوافدة في القطاع الخاص والعام) للخارج كانت 148 مليار ريال عام 2013، الحوالات أكثر من الرواتب لأنه من ضمنها رواتب الوافدين في القطاع العام وأيْضًا الخلل الكبير في موضوعات التستر وأيْضًا غالبيتها حوالات قانونية كالأجور.
أوضح الكتاب الإحصائي السنوي لوزارة العمل أن عدد البطالة السعوديين ارتفع من 603 آلاف إلى 623 ألف (المتعطلون عن العمل) مع أن النسبة انخفضت من 12.1 في المئة إلى 11.7 في المئة، ولكن كما نعلم جميعًا أن النسبة ليست مهمة، هي فقط لمقارنة الدول ببعضها، ولكن ما يعني الدَّولة من الداخل هو «كم شخص لا يعمل». فيما انخفض عدد المنشآت 200 ألف منشأة (من 1.979.103 إلى 1.778.985 منشأة)، ويأتي هذا الانخفاض في المنشآت الصَّغيرة والصَّغيرة جدًا).
ومن جهة أخرى فالعمالة الوافدة ارتفعت 1.275.762 عاملا خلال (عامين) حيث كانت العمالة الوافدة 6.937.020 في نهاية 2011 ووصلت إلى 8.212.782 في نهاية 2013.
ارتفع عدد السعوديين في النطاق الأخضر 280 ألف موظف، ولكن كانت هذه الزيادة على حساب (صافي) زيادة عدد العمالة الوافدة بمقدار (مليون و885 ألف) موظف وعامل في نفس النطاق الأخضر.
وفي مؤشر آخر ومهم، ارتفع مجموع رواتب الوافدين في القطاع الخاص خلال عام واحد، ارتفع 40 في المئة بمقدار 32.96 مليار ريال حيث وصلت مجموع الرواتب إلى 116 مليار ريال لعام 2013. وارتفع عدد العمالة الوافدة في نفس الفترة من 7.35 مليون عامل إلى 8.21 مليون عامل أيّ بزيادة قدرها 860 ألف عامل. أما الموظفون السعوديون في القطاع الخاص فقد ارتفع 332 ألفًا في نفس الفترة حيث وصل عددهم إلى 1.47 مليونًا خلال عام 2013.
فيما ارتفع متوسط أجور العمالة الوافدة الشهرية 25 في المئة وانخفض متوسط أجور السعوديين في القطاع الخاص 1 في المئة.
فلو نظرنا إلى قطاع «التشييد والبناء» الأكثر بالنسبة لعدد الوظائف للسعوديين وللأجانب أيْضًا، نجد أنه يعمل به 482 ألف سعودي بمعدل راتب شهري 3.330 ريال، وهذا بحد ذاته مؤشر أنها إما سعودة وهمية أو تكميلية وليست أساسيَّة أو شبه أساسيَّة; هؤلاء السعوديون يمثِّلون 10 في المئة من مجموع الوظائف في القطاع التي عددها 4.7 مليون موظف وعامل. مجموع رواتب السعوديين في هذا القطاع 19 مليارا وهذا مقدار ارتفاع التكلفة 37 في المئة، حيث إن الوافدين في هذا القطاع يجنون 52 مليون ريال سنويًا.
وبالنظر إلى قطاع «تجارة التجزئة والجملة» فنجد أن عدد العاملين السعوديين 356 ألفًا أو 22 في المئة من عدد الوافدين في نفس القطاع (1.58 مليون); فيما تمثِّل نسبة مجموع رواتب السعوديين من المجموع الكلي للرواتب في القطاع 42 في المئة، فبكل تأكيد هناك تأثير على تكلفة السلع في نهاية المطاف.
أخيرا، انهيار منظومة الأعمال ستكون على هيئة بطالة خارجة عن التحكم، مزيدًا من التستر، مزيدًا من السعودة الوهمية بأنواعها، ارتفاع وتضخم في رواتب الوافدين والسلع والخدمات، خروج منشآت من الأعمال وإقفال أعمالها; وهذا بكلِّ تأكيد سيؤثِّر على توظيف المواطنين وتكاليف المعيشة. نأمل من وزارة العمل التوقف عن الاقحام في القطاع الخاص وعرض المشكلة على مجلس الاقتصاد الأعلى والتوضيح أن المشكلة تعني الوزارات الأخرى.