أشغلنا وأشغل العالم التنظيم الإرهابي داعش، وصرف نظر الجميع عمَّا يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي يعيث الإسرائيليون فيها فساداً، إذ استغلت حكومة نتنياهو الأوضاع وأخذت تفرض قيوداً جديدة على الفلسطينيين وترتكب الجرائم متجاوزة كل الضوابط الأخلاقية والإنسانية، ومع صمت الراعي الأول للسلام (أمريكا)، تحركت ضمائر بعض الإسرائيليين الذين يرفضون أفعال حكومتهم العنصرية، فقد رفض 43 ضابطاً في المخابرات الإسرائيلية بصورة علنية أمس الجمعة المساهمة في مهام تستهدف الفلسطينيين، في إجراء من إجراءات المقاومة لنزاع يرونه يتعارض مع مبادئ الضمير الإنساني. وتأتي هذه الخطوة وسط انتقادات حادة من جماعات حقوق الإنسان للتكتيكات الإسرائيلية خلال حربها مع غزة والتي استمرت 50 يوماً، والتي أودت بحياة أكثر من 2100 فلسطيني و70 إسرائيلياً.
وقال الجنود في بيان نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية أمس الجمعة «إننا لا يمكن، وبضمير حي، أن نستمر في الخدمة في هذا النظام وننتهك حقوق الملايين من الناس». ووقَّع على البيان عدد من الجنود برتبة ميجور (رائد) وكابتن (نقيب) في الوحدة 8200، هي أكبر وحدة عسكرية، على الرسالة والتي جاء فيها «نرفض أن نكون أداة لتعميق السيطرة العسكرية في الأراضي المحتلة».
وجاء في البيان شديد اللهجة أيضاً أن المخابرات تُستخدم لإيذاء المدنيين الأبرياء، والمساعدة على الاضطهاد السياسي، والتسبب في الانقسامات داخل المجتمع الفلسطيني من خلال تجنيد المتعاونين.
هذا في إسرائيل، أما خارجها وبالتحديد في مدينة نيويورك فقد أكدت منظمة هيومن وتش منظمة العفو الدولية بأن القوات الإسرائيلية ارتكبت وعن عمد قتل المدنيين الفلسطينيين، وبالذات النساء والأطفال. ووثقت المنظمة العديد من الجرائم الإسرائيلية وخصوصاً مهاجمة مدارس الأنروا التابعة للأمم المتحدة، وقتل المدنيين الفلسطينيين الذين لجؤوا إليها، وقتل أطفال فلسطينيين كانوا يلهون على ساحل غزة، وقد نقلت وكالات الأنباء مقتل أربعة منهم.
ظهور هذه الجرائم والتنديدات داخل إسرائيل وخارجها يشجع القيادة الفلسطينية على رفع هذه الأعمال ضد الإنسانية إلى محكمة الجزاء الدولية، ولا يجب أن تفوت هذه الفرصة لأن الراعي مشغول في مسألة أخرى.