في خضم ما تفرزه طبيعة البشر، وانسيابية التفاعل مع الحياة بما فيها من اليومي العام، والشخصي المحدد، والمشترك بين البشر، فإن الولاَّدة لا تتوقف..، والشمس لا تتأخر..، والليل حتمي النزول..، والصبح أبدي الحضور..، واليمامة تنفق..، والذرة تتكاثر..، والتراب يتشكّل..، والغبار يتسلّل..، والجبل فريسة البنائين..، والمرساة مكيدة الماء..،
والإنسان يتفاعل بكل الألوان..، إلى كل الاتجاهات..، وبكل الأغراض..، وبأي النيات..!!
ينصل في النهاية إلى أن يظن أنه قادر على الأرض بعد أن تأخذ زخرفها..، فيأتيها أمر الله تعالى فتصبح كأن لم تغن بالأمس..!
الناس تموت..، تتعدد أسباب الموت كما قالوا..، ويبقى الموت هو الموت، الواحد الزائر على غفلة..، المجهول اللامرئي..
لكنه النازل بلا استئذان ودون موعد مسبق..!..
تفزع القلوب حين يمرض غال..، وما تلبث أن تطمئن بموته، حين يجد أصحابها أن الموت في محيط إدراكهم هو راحة من عذاب مرض..، مع أنهم لا يدرون شيئاً عمّا خُبئ له في أمر موته..، أو في ابتلاء مرضه،.. إلا من أحسن الظن بالله تعالى..
تلهث الأقدام..، وتكد الأذهان من أجل المال، والجاه..، والبروز، والرفعة..،
وهي لا تحصد أكثر مما قُدّر لها من رزق في السماء..، باختلاف أنواع الرزق يبدأ من عافية الأبدان، إلى عافية الوجدان..،
ومن كف مخضرة بالرزق..، لأخرى خاوية إلا من صدى..، ومن رأس مليء بالحكمة..، إلى آخر فرغ منها..،
فكل اختلاف لأمر، قد جبلت عليه الأكوان بمقاديرها.. ومخاليقها، وهو في خفاء عمّن يلهث، وعمّن يركن سواء بسواء..!
فالطبيعة في سيرورتها وسرمديتها.. هي حقائق يدركها القاصي في شعف الجبال، والداني عند أفران الأرغفة..!
يعرفها ويثق في يقينها من يؤمن بالله، ومن لا يؤمن،..
والأرض على كل حال لا يجتمع فيها الناس على مورد واحد..، ولا ينهلون من نبع فرد..!
كما لا يصبون على قلب واحد..!
لكنهم يخضعون لنواميس ما خلق الإله الواحد...
لأن الإله الواحد هو من يسيِّر الحياة في الأجساد، من الشجرة للنمرة..، ومن الإنسان للطائر والحيوان.. في عظيم ما اقتضى وقدّر..
إن الذي يؤمن به حق الإيمان..، ويتقيه حق تقواه..، ويفهم شريعته على الأرض حق ما جاءه من العلم، والهدى..، ويتذاكر مواجهته يوم العرض يقيناً..، يتنزه عن المساس بما يخدش إيمانه..، يصفِّي فكره عن مخالطة الحقائق في حق توحيده..، وعبادته..، ويعي كيف تكون حياته مجدية..، وبقاؤه إضافة..، وشراكته سلاماً..، وأمناً..، عملاً..، وصدقاً..، حرثاً.، وزرعاً..، وحصدا..!
لئلا يكون منبتَّا تنقطع به الطريق..، فلا يبلغ وجهته..، ولا يستطيع أن يعود..!!