لا يُعاني مثل المرأة عندما تراجع المحاكم في أمور تتعلق بحياتها الشخصية.. ولهذا جاء بدء عمل ((محاكم الأحوال الشخصية)) ومعها محاكم التنفيذ خطوة نابهة ستنهي كثيراً من الأمور والمشكلات التي تكابد المرأة فيها كثيراً من أجل إقرار نفقة، أو رؤية فلذات كبد أو حق إرث، أو قضية طلاق... إلخ.
إنها خطوة موفقة من وزارة العدل في حراكها الذي يشهده المواطنون في هذه الفترة من تطوير منظومة القضاء والإسراع في إنهاء قضايا الناس، وتحقيق العدل، إنجازاً وتفعيلاً لمشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء.
* * *
ولعل في سنام هذا التطوير إنشاء ((محاكم الأحوال الشخصية)) ومعها ((محاكم التنفيذ)) وبدء أعمالها، وهذه المحاكم ستُعنى تحديداً بقضايا بالغة الأهمية تتعلق: بالأسرة والطلاق والعضل والإرث والتعليق، وسيتم إيصال الحقوق بأقرب أسلوب حيث سيتم إصدار ((صك إلكتروني)) واحد لأحكام الطلاق والنفقة واستقطاعها بالقوة الجبرية للمتعنّتين عن طريق مؤسسة النقد.
كما ستصدر المحاكم: حكم السجن من 3 أشهر إلى سنة لمعلقي زوجاتهم ولمانعي مطلقاتهم من رؤية أبنائهم، وفيما يتعلق بمعنفي زوجاتهم سيكون من اختصاصها الحكم بالتغريم بخمسين ألف ريال والسجن من 3 أشهر إلى عام.
فضلاً عن أن خيار الصلح من اختصاصات المحاكم إذا كان بالإمكان حلّ مثل هذه القضايا بالصلح فهو المقدّم والأولى، وسيكون تابعاً لها ((مراكز للصلح)) بمشاركة متخصصين في الإرشاد الأسري ويتم توثيق الصلح من القضاة.
وقد تم وضع آليات تساعد المحاكم على أداء رسالتها، فالمرأة التي عانت كثيراً من مراجعتها للمحاكم خلال السنين الماضية ستنشأ لها أقسام نسائية ومحاميات لها لمساعدة النساء في رفع دعواهن للقضاة.
* * *
ولتفعيل الأحكام الصادرة وتنفيذها سترتبط هذه المحاكم الأسرية بنظام إلكتروني موحّد بكل الوزارات ومؤسسة النقد وجميع الجهات المختصة لتمكين القاضي من إيقاف خدمات المتهربين والمماطلين خلال (72) ساعة.
* * *
وبعد:
إن هذه المحاكم منجز يُحسب لوزارة العدل لتطبيق الأنظمة القضائية الجديدة المتعلقة بقضايا المرأة والأسرة عامة وهي بقدر ما ستسرع بإصدار الأحكام فإنها ستوفر العدل للمرأة وأخذ حقها عندما يقع عليها الظلم من بعض الرجال، فيما لو تم الطلاق أو التعليق أو الحرمان من النفقة وعدم رؤية فلذات أكبادهن.
وكم مرّ عليّ من الحالات كمعني بالشأن العام وبحكم إسهامي بالكتابة عن مشكلات وشكاوى رأيت فيها ظلماً كبيراً يقع على كثير من النساء من بعض الرجال الذين لا يخافون الله، وكم سمعت من آهات وكم رأيت من دموع ساخنة تسقط من عيونهن حزناً على حرمانها من رؤية أطفالها، أو بسبب حاجتها أو حاجة أولادها لنفقة لم تستطع الحصول عليها.
إنني أحيي وزارة العدل على هذا الإنجاز، فهو نقطة تحوُّل في مجال القضاء وهو تفعيل عملي لمشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرافق القضاء، وبقي أن تقوم الوزارة بحراك إعلامي تشرح فيه للمواطنين والمرأة تحديداً اختصاصات هذه المحاكم، وماذا تعمل المرأة لحصولها على حقوقها ورفع الظلم عنها إذ إن أول خطوة هي أن تعرف المرأة حقها والأنظمة المتعلقة بذلك والآليات التي تتبعها للمطالبة بحقوقها وحصولها عليها - بإذن الله -.