ظلم الجميع عدل، هذه العبارة تعتبر من أكثر العبارات شهرة ومن أكثرها ربما تحقيقاً للعدالة حتى وهي في صميم الظلم..
ولعل المتابع للوسط الرياضي وما يدور فيه سواء الآن أو من قبل سنوات تغيرت فيه إدارات وتبدلت شخصيات، لعله يدرك حجم الضغط الكبير والتأزم اللامعقول مع التعاطي مع كل حدث يمر برياضتنا السعودية عامة ومع أنديتها بشكل خاص..
الحدث الذي كان حديث الجميع في الأيام الماضية هو طلب نادي الهلال لحق من حقوقه وهو من أبسطها وهو يمثل الوطن في مهمة وطنية، فالمطلب الهلالي لم يكن بالخارج عن المألوف ولم يكن بالحدث الذي يحدث لأول مرة فقد سبق أن تحصل عليه العديد من الأندية وباركها الهلاليون قبل الجميع لأن دعم أندية الوطن (مطلب) وليس من باب (الفزعة)..
الهلاليون إدارة وجهاز فني طالبوا باستثناء لاعبيهم من معسكر الأخضر الذي يستعد للقاء ودي مع استراليا ستقام في لندن؟؟!
فيما جماهير الفريق طالبت إدارة النادي بطلب تأجيل مباراة فريقهم القادمة في الدوري أمام نجران التي تسبق لقاء العين الإماراتي بأربعة أيام!!
ورأت الإدارة بالاتفاق مع المدرب ريجي أن يتم نقل المباراة للرياض بعد موافقة إدارة نجران..
الطلب الأول تم رفضه بحجة أن مدرب المنتخب يريد الوقوف على مستويات لاعبي المنتخب وهذا من صميم عمل الجهاز الفني الذي رأى وجوب حضور كل اللاعبين بما فيهم لاعبو الهلال وامتثل الهلاليون للقرار الذي لا غرابة فيه سوى أن المباراة ستقام في لندن!!
يتبقى قرار طلب نقل مباراة نجران التي ستقام يوم الجمعة 12 سبتمبر للرياض وهذا سيكون أفضل الحلول السيئة لتخفيف عبء السفر على الفريق الهلالي الذي تنتظره مهمة صعبة أمام العين في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال آسيا يوم 16 سبتمبر وبعدها سيلعب مع الخليج يوم 19 سبتمبر ثم الاتحاد أو الفيحاء بتاريخ 22 سبتمبر في كأس ولي العهد وبعدها مع الفتح بتاريخ 26 سبتمبر وأخيراً مع العين يوم 30 سبتمبر..
الملاحظ على جدول مباريات الهلال أنه مضغوط وبدرجة كبيرة وهذا لا يحقق أدنى درجات العدالة التي حظيت بها أندية أخرى كان لها استثناءات خاصة من تفريغ لاعبيهم وعدم ضمهم للمنتخب علاوة على نقل وتقديم وتأجيل مباريتهم بحجة المصلحة الوطنية..
فالفريق الاتحادي سبق أن تم تفريغ لاعبيه من المنتخب وتم تأجيل مبارياته وخضع لراحة طويلة قبل نهائي دوري أبطال آسيا 2009، وسبق أن تم تفريغ لاعبيه أيضاً للمشاركة في نهائي دوري أبطال آسيا قبيل كأس الخليج في قطر 2004، وحدث أن تم تأجيل لقاء الهلال والاتحاد ليوم بسبب احتفال ومباراة ( استعراضية) بمناسبة اليوبيل الذهبي لفريق الاتحاد!!، وكذلك الأهلي سبق وأن تأجلت له أكثر من مباراة بسبب مشاركاته الآسيوية والعربية فسبق أن تأجلت مباراته أمام الاتحاد قبل خوض الفريقين لربع نهائي دوري أبطال آسيا 2012 وكما تأجلت مبارياتهما قبل البطولة العربية الموحدة التي شارك فيها الفريقان واستضافتها جدة في العام 2003، والحال نفسه لفريق النصر الذي حظي بدعم غير مسبوق بنقل وتقديم مبارياته، ففي عام 1427 تم نقل وتقديم مباراته مع الفيصلي بكأس ولي العهد بحجة دعم ممثل الوطن، كما سبق أن تم نقل مباراته مع الأنصار من المدينة المنورة إلى الرياض بدوري 1426 بسبب مشاركة النصر في أبطال العرب بداعي الوطنية، وكذلك سبق أن تأجلت مباراته بالهلال ليومين بسبب لقائه مع مولودية وهران بدوري أبطال العرب 2007، والأدهى والأمر أنه سبق أن تم تأجيل مباراته مع الاتفاق بكأس الأمير فيصل موسم 1422 بسبب سفره لخوض مباراة ودية مع فريق الاتحاد الليبي!!
على النقيض كان الهلال هو أكثر المتضررين من القرارات التي صدرت بحقه في إجباره على خوض مبارياته بدون لاعبيه الدوليين كما حدث في بطولة الخليج للأندية عام 1989 في البحرين التي لعبها الهلال بالرديف ومجموعة كبيرة من لاعبي درجة الشباب بسبب ضم لاعبيه الأساسيين لمعسكر المنتخب، كما أن الهلال اضطر للانسحاب من نهائي البطولة الآسيوية لأبطال الدوري عام 1988 التي كان من المفروض أن يلعبها أمام يوميري الياباني بسبب عدم السماح للاعبيه الدوليين باللعب لانضمامهم لمعسكر المنتخب!! وفي بطولة الأندية العربية أبطال الكؤوس 2003 حرم الهلال من 6 لاعبين دوليين عندما منع الاتحاد السعودي لاعبيه من المشاركة في البطولة والاكتفاء بثلاثة لاعبين فقط وبنسبة 30% الذي طبق ذلك العام، وتضرر الهلال أيضاً في دوري أبطال آسيا 2006 عندما أجبر على لعب الدور الثاني بدون دولييه وخرج من المسابقة بعد خسارته أمام ماشال الأوزبكي 1/2!!
الأمثلة والشواهد كثيرة وما ذُكر مجرد أمثله لما تحظى به الأندية من دعم من قبل الاتحاد السعودي وهو من أبسط حقوق هذه الأندية لأننا جميعاً نقف مع أندية الوطن جميعها لا أن يكون ميزان العدالة مرناً من جهة وجامداً من جهة أخرى.
فمتى يدرك مسيرو الاتحاد السعودي ولجانه بأن الهلال مقبل على مشاركة وطنية ومهمة تشريف وليست تكليف ويتطلب الوقوف معه ودعمه ومنحه أبسط حقوقه، فرئيس الاتحاد أحمد عيد سبق أن صرح بأنه سيقف مع كل من يمثل الوطن وحان دوره لدعم الهلال والوقوف معه فعلياً والاقتداء بالاتحاد الإماراتي الذي سهل مهمة ممثله العين قبل ملاقاة الهلال بتأجيل عدداً من المباريات، ولعل الأمر لا يعدو كونه إنصاف الهلال كما حدث مع الأندية الأخرى التي مثلت الوطن في محافل آسيوية وعربية وخليجية سابقة وليس منحه ما ليس له.