بدا واضحاً أن الأحزاب السياسية الفاعلة في الساحة المحلية مقرة العزم على تغيير «طاقمها النيابي» بما يستجيب لطلبات المرحلة المقبلة ويتماشى ومنطق التخلي عن «الفاشلين»، أو الذين كانوا سبباً مباشراً للفشل الحزبي ..فبعد حركة نداء تونس واختياراتها التي ألهبت القواعد الجهوية في الداخل والخارج، ارتأت حركة النهضة إقصاء ذوي الفكر المتشدد من قائماتها الانتخابية، مقيمة بذلك الدليل على حداثيتها أو على الأقل سعيها في اتجاه إكساب الحركة فكراً مدنياً حداثياً وفق ما يتطلع إليه عامة الشعب التونسي.
وكان إعلان النهضة عن قائمات مرشحيها للانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها يوم 23 نوفمبر المقبل مناسبة كشف من خلالها نائب رئيس الحركة عبد الحميد الجلاصي والمكلف بحملتها الانتخابية بأن النهضة ستخوض هذه الانتخابات ب 33 قائمة، معلنا عن أسماء رؤساء القائمات التي تضمنت 10 وزراء سابقين و9 رجال أعمال و11 من رجال القانون و6 أطباء.
و أقر الجلاصي أن نسبة مشاركة المرأة في هذه القائمات مثلت 46% مقابل 18% بالنسبة للشباب و84% من المتحصلين على مستوى جامعي و16% مستوى باكالوريا، مؤكداً أن الحركة قد فتحت باب الترشحات وفقاً للمواصفات. واللافت انه بعد مخاض دام أسابيع، نضج قرار حركة النهضة بتجديد أسطول مرشحيها لخوض استحقاق الانتخابات التشريعية، فريق لن يشارك فيه من الكتلة المحافظة التي خاضت معركة التأسيس إلا قليل يقارب 24 نائباً فقط، أي أن الحركة تتجه نحو الاستغناء عن نسبة تناهز 70 % من أعضاء الكتلة بالمجلس التأسيسي في فلسفة بدأت تتضح معالمها بينما يحف تفاصيلها كثير من الغموض.
ومما لاحظه المحللون السياسيون من خلال قراءتهم للقائمات النهضوية للتشريعية، ان «الحركة أبعدت المنضبطين والمتميزين من النواب وهو أمر غير مفهوم، بينما تم الإبقاء على نفس تكتيك 23 أكتوبر بترشيح «الوزراء - النواب» أو العكس «النواب – الوزراء» ولعله مفهوم في بعض الجهات محافظة بعض القيادات على وزنها السياسي لما في ذلك من إمكانيات اكتساح أكبر قدر من المقاعد بترؤسها من قبل أحد الوزراء السابقين ومن ثم يتخلى النائب الوزير للذي يليه من المترشحين.. ولكن الغريب أن في جهات بعينها نلاحظ رفضاً واسعاً لعدد من القيادات - الوزراء على غرار القيادي النهضوي البارز عبد اللطيف المكي وزير الصحة السابق عن جهته بالشمال الغربي للبلاد.»