ربما تكون المملكة - ولا فخر - هي الأسبق في تصديها لاستهداف التجمعات الإرهابية أمنها واستقرارها، وأنها قبل غيرها من اكتوى بهذه النار المشتعلة حين دفعت ثمناً غالياً من أبنائها البررة بين قتيل وجريح في تفجيرات دموية وُصفت في حينها بأنها الأشد والأقوى تخريباً والأكثر والأقسى إيقاداً لحطب نارها مقارنة بمثيلاتها في دول أخرى.
***
ومع هذه الأجواء المسمومة ظلت أعين الإرهابيين بمسمياتهم وأجناسهم وتوجهاتهم شاخصة نحو المملكة، يقلقهم استقرارها، ويثير فيهم نزعة الشر كلما رأوا ما هي عليه هذه البلاد تعليمياً وصحياً وتنمية شاملة في كل مرافق الحياة، ضمن تخطيط مدروس، وتوزيع عادل للثروة بين مناطق المملكة، فيحاول هؤلاء الاستقواء بمن يساندهم سياسياً ومالياً من الدول والمنظمات، وحتى الأفراد، إن في الداخل أو في الخارج، مستخدمين الدين ستاراً لتغطية فحشهم ومؤامراتهم.
***
ولم تكن المملكة بأفرع قواتها المسلحة في وزارة الدفاع ووزارة الحرس الوطني ووزارة الداخلية، ومعها المجتمع بمؤسساته وأفراده، إلا الخط الأحمر الذي لا يسمح لهؤلاء بالتمدد والتأثير على الوحدة الوطنية وأمن البلاد، وإن حدث عدد من الحالات فقد أمكن تطويقها وإفشالها والقضاء عليها، كشأن كل اختراق معاد يتم التصدي له والقضاء عليه مهما كانت التضحيات.
***
والمعركة مع الإرهاب لا يقودها الملك عبدالله بن عبدالعزيز منفرداً أو وحيداً، وإنما هي معركة مقدسة، يلتف فيها حول قيادة خادم الحرمين الشريفين كل فئات الشعب، إلا من غرر بهم، وهم عدد قليل، وبالتالي لا تأثير ولا خوف من أن يتوسع نشاطهم، أو أن تتكرر التجارب الإرهابية السابقة بعنفها ودمويتها ونتائجها المؤلمة في أي من مناطق المملكة.
***
والمملكة - كما هو معروف - لا تتعامل مع الإرهاب بوصفها هدفه الوحيد، أو أنها من تضرر منه دون غيرها، وإنما قراءتها له، وفهمها لأهدافه، إنما يمثل بحسب رؤيتها خطراً على العالم كله، وأن جهودها من خلال تبني الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمجموعة من المبادرات والمفاهمات والدعم غير المحدود للتصدي له، إنما تسعى من خلاله إلى خلخلة نشاطه وإضعافه وقطع التمويل عنه واعتباره سرطاناً في جسم العالم أجمع.
***
ومن يقول بتقاعس المملكة أو عدم اهتمامها أو تسامحها مع الإرهاب، هو كمن يحجب الحقيقة، ويخدع الناس، ويغيب الواقع، وإلا فإن إسهامات المملكة مشهودة وموثقة من خلال تنظيمها المؤتمرات والتفاهمات واللقاءات مع صناع القرارات في الدول والمنظمات المؤثرة على مستوى العالم، وربما هذا ما جعلها الهدف الأول الذي يركز الإرهاب عليه، لمنع المملكة عن ممارسة جهد كهذا، لأنه يصب في تجفيف منابع الإرهاب، ويقضي على قادته ورموزه والقوى المؤثرة بالدعم والمساندة لديه.
***
بقي أن نؤكد أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين عازمة ومصممة على ملاحقة الإرهابيين، منفردة أو بالتعاون مع غيرها، سواء من يكون إرهابياً أو مروجاً للإرهاب بالدعم المادي والإعلامي واللوجستي والفتاوى الإسلامية، وأن المملكة لم يكن أمامها في أي يوم من خيار غير هذا الخيار للقضاء على هذه الظاهرة التي تمس أمننا واستقرارنا وحياة مواطنينا، بينما يحاول نفر قليل منا ومن غيرنا أيضاً أن يزرع الفتنة، ويؤثر في هذه المسيرة، ودون أن يلتزم بالقيم والمبادئ الراسخة التي قامت عليها هذه الدولة.