نوَّه عدد من المشايخ والاكاديميين بالدور الريادي لمبادرات المملكة في مكافحة الارهاب وبيّنوا خلال حديثهم لـ«الجزيرة» أن المملكة منذ تأسيسها وحتى اليوم بقيادة خادم الحرمين الشريفين تدعو للسلام ونبذ الإرهاب والعنف بكل أشكاله، وأشاروا إلى أن الارهاب تديره أيادٍ خفية استغلت طيبة أبنائنا وحميتهم الدينية فشوشت على عقولهم فكانوا هم الضحايا لهذه الأساليب المنحرفة لافتين النظر إلى خطوات المملكة الجادة لمكافحته بقيادة الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
في البداية ذكر وكيل وزارة الشؤون الاسلامية عبدالمحسن آل الشيخ أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين تواصل خطواتها الجادة لمكافحة الإرهاب الذي اُبتلي به المسلمون وغيرهم في هذه الأزمان و لا ملة له ولا دين والتصدي له واجب شرعي وديني تفرضه المصلحة والعقل ولذا كانت مبادرات المملكة في صورها المختلفة صادقة بمعانيها ، منها المواقف السياسية لخادم الحرمين الشريفين شخصياً وللدولة في مجامع الدول وهيئاتها الرسمية وخطاباتها الواضحة ومواقفها الصارمة التي لا تقبل المهادنة في شأن هذه الجماعات التي أساءت إلى الإسلام والمسلمين وكان ـ مع الأسف الشديد ـ حطبها بعض شبابنا الذين استغلوهم أبشع استغلال في تفجيرات آثمة قتلت المسلمين وروعتهم ((وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)) وقتلت المعاهدين (( من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة )) ونشرت الرعب بزعمهم أنه من الجهاد والجهاد منه براء، فلقيت تلك المواقف القبول والاحترام والتأييد ، ولعل من أبرز صور مكافحة هذا الداء الوبيل ما تقوم به وزارة الداخلية مشكورة من محاصرة الذين يدعون إليه في الداخل وتوجيه الضربات الاستباقية التي كان من شأنها اضمحلال مخططاتهم الخبيثة وتتبع كل من تسول له نفسه العبث بأمننا وديننا ووحدتنا واجتماع كلمتنا وتوجيه المناصحة لهم إلى جانب عمل الجهات الحكومية الأخرى كهيئة كبار العلماء والجامعات.
بدوره أكد الأمين العام لهيئة كبار العلماء الشيخ د.فهد بن سعد الماجد أن دعم المليك لمركز مكافحة الارهاب يعبر عن موقف المملكة الراسخ الذي يتجاوز السياسات والمحاور السائدة في عالمنا اليوم ، كما يرتكز على ما تأسست عليه في قيمها وسياساتها النابعة من الشريعة الإسلامية التي جاءت رحمة للعالمين.
وأضاف الماجد قائلاً : هيئة كبار العلماء كانت وما زالت منذ فجر تأسيسها حتى أوجّ حاضرها اليوم تحذر من قضيتين خطيرتين على واقع العالم الإسلامي ومستقبله والعالم أجمع ،وهما الإرهاب والتكفير ، فقد حذرت من الإرهاب قبل أن يتفشى خطره وطالبت بإيقاع العقوبة على المتورطين بذلك ، كما أعلنت الهيئة في بيانها أن الإسلام بريء من هذا المعتقد الخاطئ وأن ما يجري في بعض البلدان من سفك للدماء البريئة وتفجير للمرافق العامة والخاصة وتخريب المنشآت هو عمل إجرامي والإسلام بريء منه، حيث ينتشر من صاحب فكر منحرف وعقيدة ضالة ، حاملاً إثمه وجرمه ، فلا يحتسب عمله على الإسلام ولا على المسلمين المهتدين بهدي الإسلام المعتصمين بالكتاب والسنة المستمسكين بحبل الله المتين ، وإنما هو محض إفساد وإجرام.
ورأى الدكتور حمود بن محسن الدعجاني عضو هيئة التدريس بجامعة شقراء أن جهود المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وتوجيهاته لأهل العلم والدعوة أن يقوموا بما أوجب الله عليهم هي ترجمة لهذا النهج الذي تسير عليه هذه البلاد بتحكيم الكتاب والسنة ولما لهؤلاء العلماء والدعاة والمصلحين من أبلغ الأثر بعد عون الله تعالى في إخماد الفتن وتحذير الناس لا سيما الشباب منها ومن الشبهات التي يروج لها أهل الباطل ولما اعطاهم الله من العلم والبصيرة وبتوجيههم يسير الناس إلى الله عزَّ وجلَّ سير الإسلام الوسط من غير غلو أو جفاء أو إفراط أو تفريط.
وأوضح أستاذ الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء الدكتور هشام بن عبد الملك آل الشيخ أن المملكة من أوائل الدول التي اكتوت بنار الإرهاب وما يسببه على البلاد والعباد من مصائب جسيمة مما أكسبها قدرة خاصة وصورة واضحة في أذهان الجميع، حيث أدركت القيادة أهمية مكافحة الإرهاب وضرورة حماية المجتمع منه ، ودعت إلى تكاتف جهود دول العالم للقضاء على هذه الظاهرة ومحاربتها، فجاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك الصالح عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- بمبلغ 100 مليون دولار دعماً من المملكة لمركز مكافحة الإرهاب الدولي، تعزيزاً لجهود المملكة في مكافحته وإيماناً منها بضرورة العمل الدولي لاستئصال كل نبتة خبيثة تنتج الإرهاب.
واضاف آل الشيخ أن الإرهاب ليس له وطن وهو انتهاك لجميع الأديان في العالم وشر لابد من إزالته عبر الجهود الدولية، والمملكة العربية السعودية تؤكد من خلال هذه المبادرة أن الدين الإسلامي بريء مما يقوم به الإرهابيون، فهو دين سلام وسماحة ومحبة، يجمع القلوب ويسع العالم كله العيش تحت ضلاله، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، ومن مقتضى التعارف التعايش بسلام ووئام، والتعاون في بناء الحضارة التي تخدم الأمم وتعود على الإنسان بالنفع في حياته.
كما بيّن الدكتور سعد بن عبدالله السبر إمام وخطيب جامع الجارالله في مدينة الرياض أن تجربة مكافحة الارهاب يحتذى بها على مستوى الدول، ووجه السبر النصيحة إلى الشباب بالحذر من المغررين بهم والرجوع والتوبة والالتزام بعقيدة أهل السنة والجماعة إلى جانب التعاون مع الدولة والحفاظ على المسلمين وديارهم وممتلكاتهم.