الغش التجاري في أي مجتمع يولد عادة من رحم التسيب والاستغلال والفوضى، ويتكاثر غالباً بسبب غياب الرقابة الصارمة والجزاءات الرادعة.. وفي سنواتنا الأخيرة انتشرت في مجتمعنا بصورة لافتة ومربعة ظاهرة الغش وما ينتج وما يتفرع عنها من تفشي ظهور حالات متعددة ومختلفة من ألوان وأصناف المواد والأدوات المغشوشة والمقلدة وخاصة نوعيات الأجهزة الكهربائية والمنزلية وقطع غيار السيارات، وأهمها ما يتصل بالدرجة الأولى بحياة الإنسان مثل الأطعمة والأدوية التي نالها النصيب الأوفر من الغش الملحوظ. ولكثرة الحديث في الموضوع وغياب الحلول الناجحة والحاسمة أصاب الناس الملل والتبلد وعدم الاكتراث، وظل الجميع في كثير من الأحيان ينامون ويصحون على كل شيء مقلد إلى درجة أنه لا قدر الله واستمرت الأمور على هذه الوتيرة المتفاقمة لربما أصبحنا نعتقد أن السليم والصالح هو النادر والاستثناء، وأن المقلد والمغشوش هو السائد والرائج.. ونتساءل هنا وما أكثر تساؤلاتنا ونرفع أصواتنا والألم يحز في نفوسنا والخوف يسيطر على مشاعرنا ونقول بالحرف الواحد لماذا لا نهب هبة رجل واحد مسؤولين ومواطنين ومقيمين ونحاصر هذه الظاهرة الخطيرة ونضرب بيد من حديد من أجل القضاء عليها وقطع دابرها، وتقديم المستغلين والمتاجرين على حساب صحتنا وسلامتنا من ضعاف النفوس من المرتشين والمتسترين إلى العدالة والتشهير بهم ومضاعفة الغرامات القاصمة من أجل ردعهم وقطع دابرهم وبالجزاءات الصارمة وحدها نستطيع سد الثغرات وعن طريقها نحقق راحة وطمأنينة وسلامة المواطن الذي أصبح ضحية لهؤلاء المبتزين وصيداً ثميناً للمستهترين من المستغلين وضعاف النفوس، وبهذا الأسلوب الرادع والحازم سيقول كل واحد منهم لمن هو على شاكلته (انج سعد فقد هلك سعيد)، أما إذا تركنا لهؤلاء وأمثالهم الحبل على الغارب، أو كما يقال تركنا الدرعى ترعى، كيفما اتفق بلا (حسيب ولا رقيب فسوف لا تقتصر الأضرار على صحة وسلامة المواطن فقط فسيكون الاقتصاد الوطني والاستثمار الوطني هو الضحية لذلك حيث ستخرب بيوت اقتصادية وتجارب مشهورة بمعنى أن الخسائر المادية ستحاصر البيوت والعناوين التجارية التي تحافظ على سمعتها وسمعة الوطن لهذا فمن غير المنطق أن نترك للأدوات واللوازم المغشوشة المتهالكة والمقلدة أن تتمدد وتسيطر على الأسواق تحت ذريعة اقتناعها بهامش ربح مادي محدود وذلك على حساب وكالات تجارية متخصصة ضامنة ومسؤولة تحرصلى سمعتها وتحتضن مئات العاملين القائمين على إدارتها والمحافظة على مكانتها وجودة بضاعتها من المنابع الأصلية والأصيلة مما يصب بالتالي بمصلحة الوكيل والمستهلك والشركات المصنعة، لقد اتصل بي أكثر من واحد ورأيت بنفسي علامات الاستغراب والدهشة، بل وإرهاصات الألم تبدو من مظاهر وأحاديث عينات من أصحاب وكالات أجهزة منزلية يدوية وكهربائية عالمية يتحدثون بمرارة عن انتشار أدوات وأجهزة مقلدة ومغشوشة مختلفة تغزو الأسواق بل والشوارع وأبواب مساجد الجمعة بأسعار محدودة دون فهم أو معرفة المستهلكين بخطورتها والآثار المدمرة لاستعمالها. أصحاب الوكالات الأصلية وفروعها في أنحاء المملكة أصبحوا أمام قلة حيلتهم يضربون كفاً بكف من الحسرة واللوعة وهم يرون مستقبلهم مظلما وقدرتهم ضعيفة أمام غزو وانتشار الوسائل والأجهزة المقلدة والمغشوشة التي لم ترحم حتى السطو على علامات وشكل الأجهزة الأصلية للتمويه والتغطية والابتزاز. إننا وكما نقول دائما ونتحدث ونكتب في كل مناسبة أنه لا للاستغلال والمغالاة بالأسعار من قبل الوكلاء الأصليين للتخفيف عن كاهل المستهلكين وبالذات طبقة الدخل المحدود، وفي النهاية لا وألف كلا للغش التجاري الطاغي بصورة سافرة، نعم يجب أن يتوقف خداع المستهلك ونقطع دابر التزييف والتقليد وتزوير العلامات والشعارات التجارية للأضرار والخسائر المترتبة على ذلك وحتى لا يتسع الخرق على الراقع ونندم ولات ساعة مندم. فهل يا ترى تتحرك الجهات المسؤولة وتتدارك الأمر قبل فوات الأوان، خاصة وقد وفقت وزارة التجارة أخيراً بوزير شاب شهم بدأت ثمار عطائه وإخلاصه ووطنيته تعطي أكلها يانعاً زكياً منذ تسنمه هرم الوزارة ونعني به الدكتور توفيق الربيعة، حيث له من اسمه أكبر حظ وأوفى نصيب وأن تكون أيام الوزارة في عهده ربيعاً دائماً والله الموفق.