رحم الله معالي الشيخ الجليل راشد بن صالح بن خنين رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته مع عباده الصالحين.. كان عالماً جليلاً وقاضياً حكيماً ومسؤولاً ناصحاً أميناً ..
كانت حياته رحمه الله حافلة بالعمل الجاد المثمر في مجال القضاء والإفتاء، حيث كان عضوا في دار الإفتاء برئاسة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية مع مشايخ أجلاء وعلماء كبار يندر مثالهم: أصحاب السماحة والفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ عبدالعزيز بن ناصر الرشيد والشيخ عبدالله بن عقيل وعبدالرزاق عفيفي وغيرهم.
تولى شيخنا وفقيدنا الذي لا يعوض رئاسة تعليم البنات لعدة سنوات بعد الرئيس الأول للرئاسة العم الشيخ عبدالعزيز والثاني الشيخ ناصر الراشد رحمهم الله جميعاً.. وكان الشيخ راشد أنموذج الرئيس المثالي الحليم والوقور حليماً سمحاً في تعامله حريصاً على إنجاز ذوي الحاجات من المراجعين من أنحاء المملكة.
وكان لا يبرح مكانه في دوامه اليومي حتى يقابل المراجعين لمكتبه ويتلقى مطالبهم الشفهية والتحريرية ويوجهها لذوي الاختصاص بالرئاسة ويوصيهم بإنجازها وإفادته بالنتيجة بأسرع ما يمكن.. وكان فضيلته صاحب صدر واسع يمتص غضب بعض المراجعين واندفاعه بحلمه الواسع وبأسلوب الطرافة أحياناً.
أذكر مرة أنني كنت جالساً في مكتبه فدخل عليه رجل اسمه لزام يراجع في قيمة أرض منزوعة لإحدى مدارس البنات يشكو من تأخر صرفها على حد قوله وطلب الشيخ راشد من المراجع الانتظار قليلاً خارج مكتبه، ومن ثم طلب حضور المسؤول المختص وقال له ماذا صار على معاملة المواطن لزام المذكور لازم مكتبي منذ الصباح فأصبح اسماً على مسمى اقضوا لازمه ليذهب مرتاحاً ليلازم أهله.
ومن صفات الشيخ راشد في مسيرة حياته أنه كان وفياً مخلصاً لأساتذته ومشايخه الذين تلقى العلم على أيديهم في بواكير حياته وفي كلية الشريعة بالرياض في أوائل السبعينيات الهجرية من القرن الماضي، كان يزورهم أسبوعياً على الأقل في الوقت المناسب وفي حالة مرضهم تتواصل زيارته لهم في منازلهم وفي المستشفى ويواسيهم بحميمية وشفقة ووفاء.. وفي أخريات أيامه طلب مني بوفائه المعهود إيصال رسالة شفوية إلى أبناء وأحفاد العم الشيخ عبدالعزيز الرشيد رحمه الله يناشدهم كتابة سيرة والدهم الثرية بالعطاء والاحتفاء بمؤلفاته القيمة ما طبع منها وما لم يطبع وهذا ديدن سماحة الشيخ راشد المعروف بالوفاء والسماحة وطيب المعشر.. جمعنا الله وإياه في دار كرامته ومستقر رحمته.. وما ذلك على الله بعزيز.. والله المستعان.