استهلاك الفرد للكهرباء في القطاع السكني بولايات الجنوب الأمريكي أكثر من نظيره السعودي بنسبة 27 % إلى 58 %

«كل ألف فرد سعودي يستهلكون 110 براميل نفط يوميًّا مقارنة بـ60 برميلاً في الولايات المتحدة و6 براميل في الصين»، هذا عنوان تصدر الصحف والقنوات المرئية بداية الأسبوع نقلاً عن «مصادر خاصة بالطاقة». لا أعلم أيّ مصادر هذه، ولكن بكلِّ تأكيد المصادر المعروفة لا تقع في أخطاء كهذه، فالمقارنة لم تكن مقارنة المثل بالمثل، وأخطاؤها كثيرة ولكنّ الخطأين الرئيسيين هما:

أولاً: لا أعلم لماذا ذكرت أن عدد سكان المملكة 20 مليون نسمة، مع أنه 30 مليونًا; فواضح أنه تم اعتماد عدد السكان السعوديين واستثناء المقيمين الأجانب الذي يبلغ عددهم 10 ملايين شخص وكأنهم لا يستهلكون البنزين ولا الديزل ولا الكهرباء في منازلهم وأعمالهم; فالمعيار الدولي يستخدم السكان عامة. طبعًا عندما يتم تقسيم «الاستهلاك المحلي» على 20 مليون شخص يختلف كثيرًا عند تقسيمه على 30 مليونا.

ثانيًا: تم مقارنة استهلاك النفط فقط، مع أن النفط يمثِّل ثلث الطاقة (36 في المئة) في الولايات المتحدة، بينما في المملكة استهلاك النفط المحلي يمثِّل 55 في المئة أيّ أكثر من النصف. الولايات المتحدة والصين أكبر مستهلكين للفحم كوقود لتوليد الكهرباء في العالم، بل إن الفحم المستهلك بهما يوميًّا أكثر من نصف استهلاك الفحم في العالم، بالتحديد 57 في المئة، وهذا يجب أن يكون ضمن المقارنة. يكفي فقط أن نعلم أن 1 في المئة من معامل توليد الكهرباء في الولايات المتحدة تستخدم وقود النفط، بينما البقية (20 في المئة غاز، 46 في المئة فحم، 20 في المئة نووية، 13 في المئة طاقة متجددة).

وجميع هذه الأرقام والمعلومات موجودة في موقع وكالة الطاقة الأمريكية. فلو قارنا المثل بالمثل سنجد أن الأرقام تقف في صف «معدل استهلاك الفرد السعودي» وليس كما تَمَّ نقله.

استهلاك الولايات المتحدة من النفط يشكل 18 مليون برميل يوميًا، وهذا يمثِّل فقط 36 في المئة من استهلاك الطاقة، أيّ أن استهلاك الطاقة بالولايات المتحدة يعادل 50 مليون برميل مكافئ; وعند تقسيمه على عدد السكان يكون معدل استهلاك الطاقة لكل ألف فرد 159 برميلاً يوميًا، أيّ أن معدل استهلاك الطاقة للفرد في السنة 58 برميلاً.

استهلاك السعوديَّة من النفط 2.2 مليون برميل يوميًا، وهذا يمثِّل فقط 55 في المئة من استهلاك الطاقة، أيّ أن استهلاك الطاقة بالسعوديَّة يعادل 4 ملايين برميل مكافئ; وعند تقسيمه على عدد السكان يكون معدل استهلاك الطاقة لكل ألف فرد 133 برميل يوميًا، أيّ أن معدل استهلاك الطاقة للفرد في السنة 49 برميلاً.

قد يجادل البعض بأن استهلاك الولايات المتحدة وإن كان أكثر من المملكة فإنَّها دولة صناعيَّة، وهذا الكلام صحيح ولكننا لا نعلم تفاصيل استهلاكه بالسعوديَّة; ولكي نكون أكثر دقة، نقارن «متوسط استهلاك الكهرباء للفرد في القطاع السكني» بين الدولتين. فمتوسط استهلاك الكهرباء للفرد في القطاع السكني في الولايات المتحدة 4650 (ك. و. س.) بينما استهلاك مثيله في السعوديَّة 4400 (ك. و. س.)، ويتضح هنا أن الاستهلاك في أمريكا بالقطاع السكني للفرد أكثر من السعوديَّة وإن كان الفرق قليلاً. جميع الإحصاءات حسب تقارير وكالة الطاقة الأمريكية وتقرير شركة الكهرباء السعوديَّة السنوي.

وبما أن الغالبية العظمى لسكان المملكة في مدن الرياض والدمام وجدة ومكة والمدينة المنورة وأبها وجازان ومدن أخرى، جميعها مناطق حارة في الصيف وليست باردة جدًا في الشِّتاء وليست مناطق ثلوج وجليد بتاتًا، فالمقارنة تكون أكثر دقة عندما نقارنها ليس بالولايات المتحدة بل بالولايات الجنوبيَّة منها (تكساس، فلوريدا، لويزيانا، ألباما، جورجيا) بما أنها شبيهة بمناخ مدن المملكة ذات الكثافة السكانية.

فنجد أن «متوسط استهلاك الكهرباء للفرد في القطاع السكني» في ولاية لويزيانا 6960 (ك. و. س.)، وولاية ألباما 6900، وأوكلاهوما 6400، وفلوريدا 6000، وجورجيا 5800، وتكساس 5600، وجميعها بالـ (ك. و. س.); بينما في السعوديَّة فقط 4400 (ك. و. س.)، أيّ أن تلك الولايات تستهلك بين 27 في المئة و58 في المئة أكثر من السعوديَّة كمتوسط للفرد في القطاع السكني.

م. برجس حمود البرجس