لم تهدأ حمى الأعمال الإرهابيَّة إنما خف أزيز محركاتها بعد أن عادت الخلايا إلى سباتها المنذر باستعدادها لتنفيذ خطط إجرامية جديدة كعادتها كُلَّما نامت، وتعالى صوت المتنافسين السياسيين من مرشحين للانتخابات الرئاسية والتشريعية الذين حالفهم الحظ فوقع عليهم اختيار قياداتهم الحزبية ليوشحوا قائماتها للاستحقاقات القادمة، فيما احتدم الخلاف مع الغاضبين غير المرضي عنهم في هذه الحقبة التاريخية من مسيرة البلاد، فانبروا يشتمون أحزابهم وقياداتها ومناضليها وتطايرت الاستقالات على خلفية ترشيح أسماء أخرى «أكثر بياضًا» منهم وبالتالي أكثر حظوظًا في الفوز بمقاعد البرلمان الجديد.
ولم يسلم أيّ حزب سياسي بدءًا بحركة النهضة ووصولاً إلى الحزب الجمهوري مرورًا بحركة نداء تونس، من صراعات داخليَّة وقودها الترشح للتشريعية من عدمه حيث رأى «المغضوب عليهم» أن الحركة استغلتهم طيلة ثلاث سنوات كاملة من العمل السياسي والميداني، ثمَّ رمت بهم جانبًا مفضّلة ترشيح أسماء جديدة لا تملك رصيدًا نضاليًّا يشفع لها.
وبقدر ما سيطر الانضباط على ردود أفعال الغاضبين الثلاثة من نوَّاب المجلس التأسيسي عن حركة النهضة وباركوا في الظاهر اختيارات الحركة، بقدر ما جاءت ردود أفعال نوَّاب حركة نداء تونس ومناضلي الحزب الجمهوري الذين لم يشملهم «عطف» قياداتهم ولم تتم بالتالي تزكية ترشحاتهم للتشريعية، حيث أعلن أغلبهم انسلاخهم من الحزبين كاشفين المستور مما يدور خلف الأبواب المغلقة للمكاتب التنفيذية التي يُعدُّ الحديث صلبها من أدق أسرار أيّ حزب...