أكد الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، أن تحرك الهيئة المستقبلي سيقلب المعادلة بشكل كبير يجعل المواطن السعودي لا يغادر وطنه بغرض السياحة، وأنهم يراهنون على جذب السائح الخليجي الباحث عن السياحة القيمة. وقال في (الجزء الثالث والأخير) من حواره مع «الجزيرة» أنه يتوقع صدور قرارات تجعل من قطاع السياحة بالمملكة لا يقل كفاءة عن نظيره في الدول الأخرى ، مؤكدا العمل على تطوير سياحة البحر واليخوت ، فيما يتم إطلاق مشروع لتطوير سياحة الشاب والرياضة وسياحة نهاية الاسبوع قبل نهاية العام الجاري. كما لفت إلى أن سياحة ما بعد العمرة مقصورة في مراحلها الأولى على جنسيات محددة ..فإلى نص الحوار:
* نلاحظ في معظم دول العالم السياحية كثرة الهدايا التذكارية ذات الطابع السياحي، من مجسمات وقطع لاصقة مغناطيسية (Souvenirs)، لكن المملكة للأسف مقلة في هذا الجانب بالرغم من أنها تحتضن الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة الأخرى والكثير من الآثار التاريخية والمعالم العمرانية والحضارية ، لماذا لا تتبنى الهيئة العامة للسياحة والآثار مشروعا ضخما لتصنيع مثل ذلك كرافد استثماري لها أو على الأقل أن يكون هناك تعاون مع الغرف التجارية الصناعية ورجال الأعمال لطرح مثل هذه الأفكار وعلى أن تقوم الهيئة بتشجيعها ودعمها وشراء نسبة منها؟
المملكة غنية بالحرف اليدوية والمنتجات الحرفية التي يمكن أن تكون هدايا تذكارية، وقد أنشأت الدولة برنامجاً وطنياً للحرف و الصناعات اليدوية (بارع) وكلفت الهيئة بإدارته، وهذا البرنامج سيغير وجه المنتجات المحلية وتطويرها بما يتناسب مع العصر لتكون الهدية المفضلة من الصناعة اليدوية، وبارع برنامج متقدم، وقد بعثنا حرفيين لكوريا واليابانيين ودول في العالم العربي لتطوير قدراتهم، وأدعوا الجميع لزيارة موقع البرنامج على الانترنت (موقع بارع http://bit.ly/1nM69hh ). كما استصدرت الهيئة قراراً من الدولة لاقتصار هدايا المؤسسات الحكومية على المنتجات اليدوية السعودية، وهذا القرار سيتم تفعيله بشكل كامل عند اكتمال منظومة المؤسسات التي تحتضن إنتاج الحرفيين، وتطوير عمل الجمعيات الخيرية والمعامل التي تنتج هذه الصناعات بمستوى لائق، كما عملنا في الهيئة مع عدد من الأسواق التجارية لتخصيص أركان لعرض منتجات الحرفيين لبيعها على طالبيها، وعملنا مع عدد من أمانات المناطق لتوفير أسواق خاصة بالحرفيين في المناطق.
* في ظل عدم فاعلية وزارة التخطيط.. وعدم وجود سلطة عليا للتخطيط.. كمجلس أعلى للتخطيط مثلا .. هل ترون أن الاستراتيجية السياحية والجهود المنعزلة التي تقوم بها الهيئة قادرة على تحقيق شيء فعلي على ارض الواقع .. التضارب في الصلاحيات بين الهيئة وعدد من الجهات الحكومية يجعلني غير متفائل بإنجازات تواكب طموح المواطن على أدنى تقدير (محطات استراحة مناسبة ونظيفة على الطرق .. ما يزال حلما ورقيا !! )
الاستراتيجية السياحية تعد بأشجار باسقة في بلادنا في عام 1440 هجري، ونحن الآن في عام 1435 ونستقبل 1436 وما تزال البذور في الأرض ..في ظل الواقع الحالي ستظل كل الخطط والأفكار الجميلة التي تتبناها الهيئة حبيسة الورق؟ ما تعليقكم سمو الأمير؟
فيما يخص التنمية السياحة والتداخل بين الصلاحيات، كان تنظيم الهيئة الأول يؤدي إلى مثل هذه التداخلات، بل إنها كانت مفرغة من الصلاحيات، لكن ومع اتفاقيات الشراكة التي وقعناها مع الجهات ذات العلاقة أصبحت حبلاً متيناً لتطوير العمل، في عام 1429 هـ ومع صدور تنظيم الهيئة المحدث و ما تلاه من أعوام صدرت قرارات من الدولة بنقل بعض القطاعات لصالح الهيئة ، منها قطاعات السفر والإيواء والمعارض والمؤتمرات والتراث والجمعيات غير الربحية والخاصة بالسياحة والتراث وغيرها، وهناك تقرير كامل للمبادرات والمسارات يشرح الدور الذي تقوم به الهيئة، ونحن نعمل بانتظام مع الوزارات وإمارات المناطق وهناك تعاون كبير جداً، وأمانات المدن ستصرف أكثر من 6 مليارات ريال على مشاريع لها علاقة بالسياحة مثل تطوير أوساط المدن والمناطق التاريخية.
الخطط لا تبقى حبيسة الأدراج، وهذا السؤال مبالغ فيه كثيراً، والهيئة أشرفت في المرحلة الأخيرة على قطاع التراث والقطاعات الأمنية والآن لدينا قاعدة متينة من عمليات التنظيم ، وفي فترة وجيزة جداً قياساً ببناء مؤسسات خدمية، وخططنا تم تنفيذها بأعلى قدر من المسئولية بمقدار ما تم توفيره من دعم ( والذي كان محدوداً في البدايات، غير أنه تطور بشكل لافت الآن)، وبوادر القرارات المهمة بدأت في الصدور وهناك ممكنات ستصدر، وسيكون هناك تمويل سياحي، وشركة للاستثمار والتنمية السياحة، والهيئة رفعت بعدد من التوصيات، وصدر عدد من القرارات المهمة جداً ، مثل دعم الهيئة لتقوم بمهامها وإنشاء شركات المناطق، والتزام الدولة بتوفير البنية التحتية في المواقع السياحية، ومنح المستثمرين السياحيين فرصة استئجار مواقع من البلديات لفترة تتجاوز 50 عاماً وهذا قرار قدمته الهيئة، ولا ننسى مشروع الملك عبد الله للتراث الحضاري والذي يزيد تمويله واعتماداته عن 5 مليارات ريال.
* هل هناك دراسات تدعم احتياجات المجتمع السعودي ترفيهيا وسياحيا وتتناسب مع رغبات مجتمعنا بهدف تعزيز فرص القطاع الخاص للاستثمار فيها خارج دائرة (المجمعات التجارية) مثل الشاليهات البحرية شمالا، المخيمات البرية شتاءً، الألعاب المائية مجملاَ، المدن الترفيهية، مجمعات المطاعم المفتوحة (دبي أنموذجا)؟
احتياجات المجتمع السعودي ترفيها وسياحياً، الهيئة لا تعمل إلا وفق خطط ودراسات وهذه الدراسات تحدث بشكل مستمر، ونحن نتبنى ما يردنا من السياح ونطور مسارات السياحة، ولدينا تطوير لجميع المنتجات السياحية، وبدأنا إصدار تراخيص لمشاريع سياحية جديدة ومنها الاستراحات الريفية والبيئية والزراعية بتمويل من صندوق التنمية الزراعي، وسوف يبدأ هذا العام الترخيص للمخيمات الصحراوية والجبيلية مع برامج تمويل وتدريب وكذلك النزل والفنادق التراثية وغيرها من التراخيص التي صدر منها الكثير. كما أننا ننظر إلى الأنشطة الترفيهية كعنصر أساس في العملية السياحية، ونتطلع لإقرار برنامج التمويل السياحي الذي نستشرف صدوره من الدولة والذي سيعطي اهتماماً كبيراً للمستثمرين الجادين في مجالات الترفيه والأنشطة السياحية لجاذبة والمملكة ترحب كبيئة استثمارية لافتتاح المطاعم المفتوحة والمجمعات والمقاهي وغيرها، و هو ما نلاحظ انتشارها مؤخراً في عدد من المدن الكبرى في المملكة، وستكون عنصراً أساساً في الوجهات السياحية الجديدة، كما أن المشاريع الكبرى مثل مركز الملك عبد الله المالي بالرياض، ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية برابغ وفي المدينة المنورة و المنطقة الشرقية، وفي عدد من المواقع على امتداد مناطق المملكة، و منها قرية المفتاحة بوسط أبها و التي أعلن عن تطوير شامل لها، كلها ستكون حاضناً للمطاعم و المقاهي الجاذبة لجميع فئات السياح بانضباط عال يكفل الحرية والسلوكيات التي تتيح للجميع الاستمتاع بهذه الخدمات دون التدخل في خصوصيات الآخرين، والأمر يشمل أواسط المدن في الطائف و الهفوف والباحة، وكذلك منطقة جدة التاريخية التي ستكون المطاعم و المقاهي عنصراً أساساً في مشروع التطوير الذي يجري العمل عليه و سيعلن عنه قريباً، هي كذلك ستكون عنصراً رئيساً في مشاريع الظهيرة ضمن المشروع الكبير لوسط الرياض، وتطوير الدرعية التاريخية، وكذلك في القرى التراثية المنتشرة في أنحاء المملكة. كما تقوم الهيئة الآن بدراسة موسعة لقياس « رضى السائح»، واستفتاء لحصر رغبات السياح وتطلعاتهم، أعلنتها الهيئة وسيتم استخلاص نتائجها والإعلان عنها بعد الصيف، وأدعو الجميع للمشاركة في استفتاء رغبات السياح عبر الرابط التالي: http://bit.ly/1pkSMmG
* هل باالإمكان تفعيل المؤتمرات والمعارض ليتم جدولتها طوال العام لجذب المستثمر السائح؟
سبق لي الإجابة عن جهود البرنامج الوطني للمعارض والمؤتمرات الذي تشرف عليه الهيئة منذ ما يقارب السنتين، ويمكن الاطلاع على جهود البرنامج والتواصل معه بالمقترحات والآراء عبر الرابط الالكتروني: www.secb.gov.sa
* هل هناك أدوار فاعلة مع رعاية الشباب لاستثمار المنشآت الرياضية سياحيا؟
نحن مهتمون بسياحة الشباب والرياضة، وسيكون هناك تطوير شامل يعلن قبل نهاية هذا العام بالتنسيق مع الرئاسة العامة لرعاية الشباب والجامعات السعودية.
* المنافذ الجوية والبرية والبحرية، هي الواجهة الأولى التي ترسم ملامح البلد للزائرين، ألا يرى سموكم أننا نحتاج إلى إعادة النظر في عملية تنظيم عملية النقل وتأهيل القائمين على تشغيلها ، والاهتمام بمظهر ونوعية المركبة وكذلك السائقين، ومراقبة تعاملهم مع الزائرين لإبراز الوجه الحقيقي للوطن ؟
الهيئة العامة للسياحة والآثار عملت على رفع كفاءة منسوبي الجوازات والجمارك والمطارات لتطوير مهارات التعامل مع السائح ضمن برنامج تدريبي أطلق عليه مسمى « ياهلا» واستفاد منه آلاف العاملين في هذه المواقع المهمة ممن لهم احتكاك بالسائح والقادم عبر تلك المنافذ، كما أننا نعمل مع المؤسسة العامة للموانئ لتطوير الموانئ البحرية ضمن اتفاقية لتطوير مسارات الموانئ ، وبدأنا في ينبع، وسيكون هناك تطوير لسياحة البحر واليخوت، ولدينا ترميم للموانئ التاريخية ليكون هناك سياحة في رحلة بحرية تتوقف في الموانئ المعروفة من تبوك إلى ينبع ثم إلى المدينة، كما قدمت شركة سابك 21 مليون ريال لتطوير الموانئ والفنادق التاريخية في ينبع ، حيث أعادت الهيئة لوسطها التاريخي الحياة ورممت مبانيه، وأوجه دعوة لأعضاء هذه المجموعة لزيارة المواقع السياحية والتراثية التي تم تطويرها وتلك التي يجري العمل عليها الآن، وسيكون الزملاء في الإدارة العامة للإعلام وعلاقات الشركاء جاهزون لتقديم المساندة لأعضاء المجموعة وترتيب تلك الزيارات.
* منطقة جدة التاريخية تزخر بالآثار والمعالم التاريخية والسياحية، وهناك العديد من تلك المآثر لا تزال شاهدة على تاريخ جده العريق .. هل هناك خطط للعناية بهذه المآثر وإزالة المستودعات القابعة خفية في بعض تلك المباني، ولماذا لا يتم إعادة ترميم وتأهيل سوق البدو القديم بالصورة التي كان عليها سابقا؟
جدة التاريخية قيل عنها ما يكفي (يمكن الرجوع للإجابات السابقة)، ولدينا خطة لتطوير جدة التاريخية بعد عرضها على اللجنة العليا، تشمل مشاريع الترميم والتطوير والملاك والأوقاف ونزع الملكيات والبنية التحتية، وتطوير سوق البدو ضمن تطوير جدة التاريخية وكذلك بحيرة الأربعين وربط جدة التاريخية بالبحر، وإعلان دخول القطاع الخاص لتطوير بحيرة الأربعين نقطة جذب أساسية.
* لماذا لا تتبني هيئة السياحة والآثار البيوت القديمة الأثرية وإعادة ترميمها وجعلها ضمن اهتمامكم أسوة بالمدينة التاريخية بجدة؟
نحن نعمل على قدم وساق للعناية بالحصون والقلاع التراثية ونقوم بالعمل مع أهالي القرى والبلدات التراثية لتطوير المباني والقلاع التي تحتضن تاريخنا الوطني الذي أسهم فيه أهالي المناطق بلا استثناء، كما نعمل على نزع ملكيات عدد من المباني المهمة، ويقوم مركز التراث العمراني الوطني التابع للهيئة بإنشاء قاعدة معلومات بالمباني وسجل وطني يصنف المباني ويحدد مدى أهميتها التاريخية والعمرانية. ونؤمل أن تتضمن ميزانية العام القادم وما يليه مخصصات للتوسع في تنمية مواقع التراث العمراني الوطني الذي ألحقت الدولة مسؤولية العناية به بالهيئة العامة للسياحة والآثار، وأكد نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني الصادر من الدولة قبل أشهر قليلة على أهمية المحافظة على هذه المواقع وتنميتها، ونعمل مع السكان المحليين لتطوير هذه المواقع لتعود عليهم بالفائدة.
* مازالت أغلب معالم السياحة في المملكة آثار الطبيعة، من قرى وحارات وطقس وغابات، كيف يمكن أن نصنع سياحة لتكون قبلة يقصدها السياح نحو المملكة وأين وصلت الهيئة بذلك؟
بدأنا بشكل متأخر، والتمويل والقرارات لم تنطلق بالشكل المأمول إلا في السنتين الأخيرتين، وأمامنا تحديات كبيرة، ولكن الشيء الذي يجعلنا واثقين بأننا سنحقق كل ما يتطلع له السائح المحلي في وقت وجيز، أننا نرى ثمار عملنا التأسيسي السابق فالمواطن أصبح مؤمناً بالسياحة الوطنية وهو مستهدف ومستهلك بشكل كبير، والمناطق والبلديات في المناطق غدت مقتنعة تماماً بأن النشاط السياحي حاجة أساسية ومورد اقتصادي و ليست ترفاً و لا نشاطاً هامشياً أو مكملاً، فباتت المناطق تتنافس بينها لجذب السائحين وتقديم الخدمات الجاذبة لهم، والجهات الحكومية أصبحت متكاتفة وتعمل نحو بلوغ هذا الهدف وجذب السائح، وهذه التحولات والنقلات ستؤدي إلى نقل السياحة إلى المستوى الذي يليق بالمواطن، ونتوقع صدور قرارات ستجعل من السياحة لدينا لا تقل عن مثيلاتها في الدول الأخرى، وستعود بالفائدة الكبرى على البلد بشكل عام وعلى المناطق بشكل خاص ، إذ أن السياحة قطاع اقتصادي منتج وموفر لفرص العمل، كما أنه يربط المواطنين ببلادهم، ويزيد من معرفتهم بوطنهم بشكل يعمق محبتهم وولاءهم لها.
* أسوة بالمقاعد السياحية و القرى والأسواق التي يلهث عليها السعوديون لاحتوائها على مناشط فنية (غنائية) ، لماذا لا تحتوي الهيئة هذا الجانب وتتبناه بالاتفاق مع جمعيات الثقافة والفنون، كما يحدث في ( سوق واقف بقطر )، ولماذا اعتزلت المسارح السعودية الحفلات الفنية ؟ وهل يمكن للهيئة إعادة ذلك المجد كون الفنون جزء من السياحة الجاذبة ؟
نعمل بشراكة مع وزارة الثقافة وسنتوسع في مجال الفنون البصرية والمعاصرة والفنون الفلكلورية والفنية، ولدينا شراكة متناغمة مع وزارة الثقافة لإعطاء هذه الفعاليات لمحة قوية وحضور كبير، كما أن جمعية الثقافة والفنون صار لها حراك واضح ونسعى لاستكمال تعاوننا معها بمنظور جديد يؤدي لاستثمار الفنون المحلية في الجذب السياحي، وبالنسبة للمسارح السعودية هناك جهد كبير يبذل في الوزارة وجمعية الثقافة والفنون وأمانات بعض المناطق لتشكيل وجه الثقافة السعودية وإظهارها كثقافة متعددة ذات ألوان، كما نعمل مع إمارات المناطق ومجالس التنمية السياحية في المناطق التي هي مسؤولة عن التصريح للفعاليات التي تقام فيها.
* لماذا لا تعمم مهرجانات المدن التاريخية كمدينة جدة في جميع مدن المملكة على مدار العام؟ ولماذا لا تستنسخ فكرة سوق عكاظ بأسواق موسمية تأخذ الطابع السعودي القديم على غرار سوق المسوكف بعنيزة؟ وكيف ينظر سموكم الكريم لفعاليات المهرجانات الشتوية والربيعية في السعودية وإقامتها على غرار الفعاليات الصيفية؟
المهرجانات التراثية والسياحية معممة، ونعمل على مسار تطوير أواسط المدن في الطائف وأبها والباحة ونعمل على مواقع محددة للأسواق الشعبية في مختلف المدن، وكذلك وسط حائل والقصيم وينبع والهفوف وهذا مسار كبير جداً يجب العناية به، وسوق عكاظ سوف يقدم ضمن مشروع التطوير الشامل ونعمل مع شركاءنا في التنمية السياحية في المناطق، وهذه يجب أن تربط مع الفعاليات والمسارات السياحية، حتى تكون مهيأة للجمهور وفيها ما يحتاجون له من خدمات، وسيكون لدينا مشروع اسمه تطوير سياحة نهاية الأسبوع سنعلن عنه قريباً بإذن الله تعالى. ويمكن الاطلاع على رزنامة الفعاليات السياحية عبر الرابط التالي (رابط رزنامة الفعاليات www.saudievents.sa )
* سمو الأمير، متى تتم تهيئة الأماكن الدينية السياحية بمكة المكرمة والمدينة المنورة للزيارات السياحية؟
سبق أن ذكرت أننا لا ننظر للحرمين الشريفين كمواقع سياحية، بل هي أرقى من ذلك وأشرف، والدولة رعاها الله تعتز بخدمتها للحرمين الشريفين وتتقرب إلى الله ببذل كل ما تملك لخدمة ضيوف الرحمن، وما تهيئة مواقع الإقامة الفندقية إلا جزء من هذه الخدمة.
ويبقى موضوع تهيئة مواقع التاريخ الإسلامي في مكة المكرمة والمدينة المنورة محل اهتمام كبير من الهيئة التي أطلقت برنامجاً للعناية بمواقع التاريخ الإسلامي وتهيئتها للزيارة بما يكفل زيارتها دون الممارسات الخاطئة عقدياً أو سلوكياً، ونعمل في ذلك مع وزارة الشؤون الإسلامية وهيئة تطوير مكة المكرمة وهيئة تطوير المدينة المنورة، ومع جامعة أم القرى والجامعة الإسلامية وجامعة طيبة لتوفير مرشدين سياحيين ذوي تأهيل شرعي وتاريخي ممن يتحدثون لغات الحجاج والزوار.
كما صدر قرار لتنظيم سياحة ما بعد العمرة الذي يتيح لجنسيات محددة ( في المرحلة الأولى ) لتمديد إقامتهم لزيارة مواقع التاريخ الإسلامي و المواقع السياحية في المملكة، وفق تنسيق تام مع وزارات الخارجية و الداخلية و الحج.
* السياحة قطاع مهم ، ورافد من روافد التنمية ، هل من الممكن وبناء علي الخطط الاستراتيجية للهيئة، معرفة كم بلغت نسبة مساهمة هذا القطاع في النتاتج المحلي الاجمالي( GDP)؟ وهل حقق ما تصبون اليه او قارب من ذلك؟
بالنسبة لقطاع السياحة ومساهمته في الاقتصاد الوطني، وموقع مركز المعلومات والأبحاث السياحية ( ماس ) التابع للهيئةwww.mas.gov.sa يحتوي على أرقام تبين حجم قوة السياحة ، وهي كبيرة في الاقتصاد الوطني، رغم أنها لم تبدأ بالشكل الفعال نتيجة عدم تطوير المواقع السياحية الكبيرة، وعند تنفيذ المسارات سيزيد من نجاح هذا القطاع وزيادة الإنفاق وبالتالي تعاظم العائد المتحقق على الاقتصاد الوطني، ونود أن نشير إلى ما قاله وزير العمل بأن قطاع السياحة متى ما تم دعمه كما تدعم القطاعات الأخرى سيكون هو القطاع الأكبر المولد للفرص الوظيفية متفوقاً على جميع القطاعات، والسياحة لدينا هي ثاني قطاع بعد البنوك الذي يجتذب الشباب السعودي للعمل.
أما عن مدى رضاي عما تحقق للسياحة الوطنية فأنا غير راض بما تحقق، و ما يمكن أن تحققه الهيئة والسياحة الوطنية كثير جدأ لو تم احتضانها من قبل الدولة مثلما حصل مع قطاعات اقتصادية أخرى، و لكن للحق فإن السنيتين الماضيتين أولت الدولة اهتماماً كبيراً بهذا القطاع ، ورأينا القرارات والممكنات تتوالى نظير قناعة الدولة بما يمكن أن يحققه هذا القطاع خصوصاً في الاقتصادات الإقليمية وإحداث تنمية متوازنة في المناطق، وما يحمله هذا القطاع من فرص وظيفية للمواطنين، وأؤكد على أن الأهم هو توفير الفرص الوظيفية المناسبة للمواطنين لا مجرد إضافة فرص عمل قد لا ينخرط فيها المواطنون ولا يقبلون عليها.
* يعلم سموكم الكريم ان صناعة المؤتمرات والمعارض هي ايضا من روافد التنمية لكل بلد، ودولة مثل المانيا في إحدي السنوات بلغ عدد الذين دخلوا البلاد للمشاركة في المعارض والمؤتمرات 3 اضعاف عدد السكان ، ورغم اهتمام الهيئة الملموس في هذا الجانب وانشاء البرنامج الوطني للمؤتمرات والمعارض ، الا ان مساره يظل بطيئا في تجاوز الكثير من العقبات والتحديات الناشئة من جهات أخري، هل هناك خطة لتجاوز ذلك والنهوض بهذه الصناعة؟
في شأن برنامج المعارض والمؤتمرات فهو ليس بطيئاً ، بل أسرع من الفترة الزمنية المحددة في المرحلة، وقد أدخلنا مدن المعارض والمؤتمرات وننتظر تأسيس الشركة الوطنية القابضة للتنمية السياحية لتدعم هذا القطاع، كما أن المدن الرياضية التي أمر بإنشائها خادم الحرمين الشريفين ستحدث نقلة كبيرة في هذا المجال ، إذ أن هذه المدن نؤمل أن يصاحبها إنشاء مراكز مؤتمرات ومعارض لتكون رافدا يساعد على تطوير الفعاليات ولتبقى حية طوال العام.
* تتناقل بعض وسائل التواصل الاجتماعي خبرا مفاده أن (40%) من فنادق دبي يشغلها سعوديون، وأن تلك النسبة قد تزداد قبل انقضاء هذا العام، وكما يلاحظ سموكم الكريم فإن دبي وأبو ظبي والشارقة أصبحت وجهات سياحية تقصدها الأسر السعودية، بما فيها الأسر المحافظة، أو ما يحلو للبعض وصفها بالملتزمة ... تعليق سموكم ؟
حقيقة نحن رأينا واضح، فما قدمناه للدولة من خطط واضحة تم دراستها من المجلس الاقتصادي الأعلى ، ومن مجلس الوزراء ومجلس الشورى ، وخرجت التوصيات قوية جداً جداً بإعطاء القطاع الدعم الكبير لتحقيق النمو الاقتصادي، وتحركنا المستقبلي هو الذي سيقلب المعادلة ويجعل السائح يبقى في وطنه، ولدينا وجهات جديدة مثل العقير، ونراهن على أن المملكة ستكون من الدول المستقبلة لسياح الخليج وخصوصاً الأسر التي تبحث عن السياحة القيمة والاستمتاع بخصوصيتها والخدمات المميزة والمواقع المميزة والمتنوعة سواءً كانت جبلية أو ساحلية أو صحراوية، المملكة سوف تتحول بإذن الله إلى وجهة سياحية من الطراز الأول مع التدفقات المالية والاستثمارات في هذا القطاع الذي أثبت نفسه عن جدارة في السنوات الماضية.
* لماذا يظهر بعض المسؤولين لدينا استياءهم عندما يأتي الإعلاميون على ذكر نجاحات قطاع السياحة في دبي؟
لا أعرف من هو المسئول الذي تذمر مما تحققه السياحة في دبي، ونحن لم نبد أي استياء عن سياحة دبي ولكن نريد أن نوضح الأرقام من مصادرها، والأرقام مهمة بالنسبة لنا لنبني تجاربنا من تجارب جيراننا وأشقائنا في الإمارات، ولا ننسى أن أعداد الإماراتيين الذين يأتون للمملكة وإلى وجهات سياحية خارج الإمارات تضاهي من حيث نسبتهم إلى عدد السكان الإمارتيين نسبة المسافرين للخارج في المملكة، وهذا من وجهة نظرنا أمر طبيعي .
* للهيئة العامة للسياحة والآثار تجربة في خلق مناصب قيادية لأبنائها من ذوي الخبرات، وانغمسوا خلال فترة بسيطة في التميز والعمل، فهل يمكن أن يلقي سموكم الضوء على هذه التجربة؟
تجربتنا في هيئة السياحة بدأت من الصفر، وهي عمل شاق، وتجربة تأسيس عمل من الصفر لقطاع اقتصادي كبير لا أنساها وأعتز بها، خاصة أنها تجربة مفتوحة واستفاد منها الجميع تنظيمياً وإدارياً ومالياً وتشريعات، وكذلك موظفي الهيئة الذين تم تدريبيهم وتمحيصهم بشكل كبير، وقد قلت في اجتماع كبير ومهم جداً رأسه سمو الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية «حفظه الله» أن الدولة لو لم تكسب شيئاً من السياحة الوطنية فهي كسبت الهيئة العامة للسياحة والآثار بتجربتها الإدارية الثرية بشهادة مؤسسات الدولة وفي مقدمتها معهد الإدارة، وكسبت موظفي الهيئة الذين تم تدريبيهم بطريقة احترافية تضاهي أرامكو بموارد مالية بسيطة، لكنها أثمرت بيئة عمل احترافية، وقد أسعدنا طلب عدة هيئات منها: هيئة الغذاء و الدواء وهيئة مكافحة الفساد الاستعانة بتجربة هيئة السياحة و الآثار وإجراءاتها في إدارة العمل المؤسسي لمحاكاتها في مواقع أخرى، فضلاً عن الجوائز التي حققتها على مستوى العالم، وهي تجربة تقرأون عنها في مذكرات ستصدر قبل نهاية هذا العام الميلادي «بإذن الله» .
* التراث العمراني لم يكن له إدارة أو جهة تشرف عليه ولكن كان للهيئة العامة للسياحةً والآثار مبادرة إنشاء ( مركز التراث العمراني ) منذ خمس سنوات تقريباً ونجحتم بعد ذلك من نقل التجربة لوزارة البلديات والأمانات في إنشاء إدارات للتراث العمراني ترتبط إدارياً بالأمناء مباشرة ، هل يمكن تسليط الضوء على هذا الموضوع ؟
لم يكن هناك جهة تشرف على التراث العمراني، وأنا مهتم بهذا الجانب من الثمانينات الميلادية، وهناك كتاب يوثق هذه المرحلة موجود على الرابط التالي: http://bit.ly/1l1G6Ne، وتجربتي في هذا الكتاب منذ بدأ هذه القضية، وأنا أفتخر بهذا، وموقع التراث العمراني الوطني غني ويمكن الاستفادة منه.
ووزارة البلديات تستثمر مبالغ مالية كبيرة سنوياً معنا في مواقع التراث، وهي شريك فاعل، وقد أخذنا رؤساء بلديات ومحافظين وأمناء مدن لمواقع تراث عالمي لكي يطلعوا على تجارب الدول المتقدمة نحو التنمية وليس التدمير، وشعارنا من الاندثار إلى الازدهار، ونظام المحافظة على التراث العمراني من أهم القرارات المهمة التي تصون وتحمي قضية التراث.