عندما كنا صغاراً في (المرحلة الابتدائية)، كنا ننظر (لطلاب المتوسطة) بشيء من الإعجاب، لأنهم يستطيعون رمي (أي عامل) بالطماطم، أو البيض، ويستطيعون الهروب بالسيارة مسرعين مع (صياحات وقهقهات) صاخبة، دون حول منه ولا قوة!!.
لم نكن ندرك خطورة هذا العمل، لأن ثقافة المجتمع خلال الـ 30 سنة الماضية، لا تعير اهتماماً لمعالجة مثل هذه التصرفات (البريئة) من هؤلاء الأطفال، والمؤذية والمُهينة في ذات الوقت لهؤلاء العاملين البسطاء، أنا هنا أتحدث بشفافية عن سنوات بعيدة!.
أما اليوم في عنيزة مثلاً، فقد قاموا بتكريم (برخدار سرور) والذي أمضى 35 عاماً كأقدم (عامل نظافه) في المحافظة، وقررت البلدية هناك استبدال مسمى (عامل النظافة) بـ(صديق البيئة)، تعاطفاً مع هؤلاء العاملين البسطاء، وتحسيناً لظروفهم المعيشية، ووضع 12 بنداً لتقديم الرعاية الصحية لهم، وتقديم خدمات مساعدة ليتجاوزوا الصعوبات التي تواجههم، كم أتمنى أن يكون (برخدار) من الذين قذفوا بالبيض والطماطم (قديماً)، كي يدرك ويشعر بالتغير الذي طرأ على المجتمع السعودي لحفظ حقوق هؤلاء (العاملين) اليوم..؟!.
البعض لا يعلم أن (عامل النظافة) قد يدفع حياته ثمناً لإزالة علبة (مشروب غازي) قذفها في طريق سريع، لذا أعتقد أن وضع (الزبالة) في المكان المُخصص لها في الشارع والأماكن العامة، هو أفضل ما ينتظره (عامل النظافة) منا!!.
البريستيج السعودي (الحديث) يتطلب التصوير (سيلفي) مع (عامل نظافة) البعض يركبه في سيارة فارهة، ويقدم له الآيسكريم، والماء، ويعطيه المقسوم، حتى أن عمال النظافة في الرياض وحدها، أصبحوا محترفين للحصول على (راتب شهر كامل) خلال يومين فقط، عندما يقومون بالتنظيف عند الإشارات، وأبواب المجمعات والمولات التجارية!.
حتى أنك تشك أن (كل هؤلاء) الذين يعطون (عامل النظافة) بشكل تلقائي كلما شاهدوه، يكفرون عن سيئاتهم في الصغر؟!.
مشكلتنا مع العالم الخارجي أنهم نقلوا الصورة الخاطئة (لسعودي وهو يضرب عامل نظافة) وتوقفوا عندها، ولم تنجح كل الصورة الجميلة بعد ذلك في تغيير الصورة الخاطئة!.
أرجو أن يقتنع العالم باحترامنا لهذه الفئة، خصوصاً بعد انتشار مقطع الفيديو الذي يظهر (امرأة وفتاة وهما تقبلان رأس عامل نظافة) لا أعلم جواز ذلك شرعاً، إلا إن كان (البريستيج) يُبيح المحظورات ؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي،،،