لا تزال الحاجة ماسة وملحة للمزيد من فرق الطوارئ، وأعمال الإنقاذ، والإسعاف والمساهمة في إدارة هذا العمل الميداني بشكل متطور ومتميز، يتواكب مع ما تتجه إليه الكثير من المجتمعات التي تستشعر أهمية هذا العمل المهم في حياة الناس لاسيما في اللحظات الحرجة، والأوقات العصيبة كالحوادث والكوارث الطبيعية التي قد تقع في أي لحظة.
فما يلاحظ على التجربة الإسعافية حينما تباشر المهام والحالات المفاجئة والطارئة ابتداءً من التعامل مع البلاغات ومن ثم مباشرة المهام على نحو الإسعاف والإخلاء، إلا أن ما يلاحظ على هذه التجربة أنها لا تزال تعاني الكثير من الاجتهادات والتجارب الشخصية والمغامرات أو «الفزعة» وربما التعاطي غير المنظم بعد استلام هذه البلاغات، حيث تختلف حالات التلقي لهذه البلاغات من جهة إلى أخرى، بل من شخص إلى آخر. فربما هناك تفاوتاً ما في تطبيق أنظمة العمل الإسعافي، ومباشرة الحوادث، والتعامل مع الطوارئ.
ومع التطور التقني، والتدريب، وتطبيق الأنظمة الإلكترونية في الكثير من القطاعات الخدمية التي لها علاقة بالجمهور فإنه من المتوقع أن يكون العمل الإسعافي أكثر فاعلية، من أجل الإسهام في التيسير على المحتاجين لمثل هذه الخدمات، على نحو التعجيل في وصول البلاغات والتعامل معها بشكل مهني واحترافي مناسب، يحقق أهداف هذه المؤسسات المتميزة في دورها وعطائها الإنساني.
ففي ظل هذا التطلع لبناء عمل خدماتي إسعافي ناجز فإن الجميع بحاجة إلى مزيد من الجهد والتنظيم وتطوير الأداء لدى العاملين في هذه المراكز، ليقدموا خدمات تتسم بالتميز والمهنية التي هي مطلب الجميع، وسينشأ من خلال هذه الجهود بناء علاقة تكاملية بين المجتمع ومنظومات العمل الصحي ممثلة بطواقم الإسعاف والطوارئ الذين يقومون بهذه الأعمال كل في حقله وحسب اختصاصه.
فالارتقاء بخدمة الإسعاف وفرق الطوارئ ومباشرة الحوادث سينعكس بكل تأكيد على المجتمع، وسيسهم في بناء تعاون وثيق بينه وبين هذه الجهات، لأن ما يلمس حقيقة هو أن هناك من يضيق على فرق الإسعاف والطوارئ في الميدان بكثرة التجمهر وإعطاء المشورة، والاجتهاد بشكل عفوي قد يضر بالحالة التي تباشرها هذه الفرق، وهذا ما يحدث فعلاً في الكثير من الأماكن التي يكون فيها تجمعات سكانية مكتظة، أو على الطرق العامة.
وما يعطل سير عمليات الإسعاف ويفقدها فاعليتها ويخل في أدوارها هو تجاهل بعض البلاغات التي قد تصل لفرق الطوارئ، أو ربما يتم التعامل معها بسطحية وقلة دراية، أو من قبيل التواكل بين الجهات الميدانية على نحو فرق الإسعاف، وأمن الطرق، والدفاع المدني، وطوارئ الكهرباء، ولكثرة هذه الأعمال والمهام والواجبات قد يكون هناك تداخل وازدواج في التخصصات والمهام، مما يعيق فاعلية عمل الطوارئ في أي خدمة للجمهور.
فهذه الفرق الحيوية والمهمة في حياة المجتمع يتطلب منها أن تكون أكثر قدرة ونشاطاً ومراناً من أجل مسح الصورة النمطية عنها بأن هذه الفرق لا تأتي إلى أرض الحدث، أو مكان الحادث إلا متأخرة، مما يعطي لبعض الجمهور فرصة بأن يتصدون بأنفسهم للمهام الإسعافية دون معرفة، أو سابق خبرة، ومع أن دوافعهم نبيلة وتعكس ارتفاع حالة الوعي لديهم إلا أن مساعدة الفرق الميدانية والتعاون معها لها حدودها وأدوارها التي تحددها طبيعة الحالة، وتقديرات المسعفين والمتخصصين في الميدان.