أماه أقوم الصباح باكية وأطلب منك أشياء وتقابلين ذلك بصراخ، هذا الصراخ الذي يبعث رعشة في جسدي وقبضة في قلبي وأزيزا في أذني، انظري ما حولك بعد شروق الشمس بضوئها الجميل، ألاتسمعين هديل الحمام وزقزقة العصافير وخرير المياه وحفيف الشجر ومواء القطط. عندما أرفع صوتي تقولين لي (بصوت منخفض) وانت؟ لماذا رفع الصوت علي انت قدوتي انت مثلي الأعلى، أليس كذلك؟ لماذا لا تقابلين بكائي بضمة منك فيها حنان وحب؟
أكيد انت تحبينني ولكنك لا تعبرين لي عن هذا الحب فلا يعبرعنه برفع صوت بل (بصوت منخفض) كوني لطيفة يلطف بك الله كوني رحيمة يرحمك الله. ألست ابنتك فلذة كبدك صحيح تشترين لي الملابس واللعب وتحضرين لي الغذاء وتبذلين جهدك في أموركثيرة، ولكن أحتاج منك الى رفق في المعاملة، لماذا بدل الصراخ لتنويمي تقرئين لي قصة من القصص التي اشتريت لي، ألم تكن جدتي تقص عليك قصصا قبل أن تنامي وكنت تروحين في سبات قبل أن تكمل القصة، جربي عوديني على ذلك سأنام بهدوء ولربما أصحو بهدوء جربي، أمي الحبيبة صراخك لا يؤذيني بل يؤذيك أنت،كذلك رفقا بأعصابك رفقا بنفسك وبي، نسمع صراخ أطفال جيراننا ولكنا لانسمع أصوات الكبار. ألا تعلمين أن شخصية الانسان تتشكل في سنوات طفولته الاولى، وألا تعلمين ان اول ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة حسن الخلق. أماه ربيني التربية التي يجازيك ربنا الجنة عليها، ذكريني دائماً بعدما أكبر ان الجنة تحت أقدام الأمهات ساعديني على أن أبربك، ارحمي من في الارض يرحمك من في السماء. ادعو ربي ان يعينك على تربيتي وشقيقتي تربية صالحة. انا متأكدة انك تريدين أن أكون إنسانة وفتاة صالحة تسهم في خدمة وطنها ومجتمعها لا تريدين طبعا ان أكون انطوائية او معقدة او مصابة بمرض نفسي، تريدين أن أكون ابنتك المثالية التي تحتذي بها شقيقتها بحول الله، سأكون وأختي بارين بك إن شاء الله تعالى، أماه أحبك حباعظيما وأحترمك احتراما كبيرا ولك مني خالص الود وعظيم التقديرحفظك الله وأبي وأختي.
أما أتذكرين في إحدى سفراتنا على الرصيف أمام مطعم خرجنا منه وكنت ابكي (فعصبت) علي، ومن المارين توقفت امرأتان من الخليج وجلست إحداهما تحاول تهدئتي وتخاطبك بلهجة خليجية (بالعدال مع البنية) وانصرفتا بعدما سكت او خففت البكاء، (بالعدال) كلمة جميلة بمعنى (بشويش) مع الصغيرة وفي الخليج يسمون الصغار (يها) اي جهال، يجهلون لا يعلمون، صغار يتعلمون من الكبار، هم قدوتهم ومثلهم الأعلى ، ومن قدوة صغارنا نحن الآباء والأمهات ومن غيرهم؟
ربما كبار آخرون، ولكن يأتي في المقدمة الأب والام، هما القدوة والمثل الأعلى، فعسانا نكون كذلك.