تذكر دراسة طبية أن السعوديين هم ثالث شعب مصاب بالخمول والكسل، ونشرت الصحف المحلية عن هذه الدراسة إلا أنها لم توضّح من هي الشعوب التي استحوذت على المركزين الأولين. نمط الحياة غير الصحي الذي نعيشه والمغلق تمامًا خلف الأسوار العالية التي لا نغادرها إلا ركوبًا بالسيارة هو ما أدى إلى هذا النمط المُغلّف بالكسل والخمول البدني، بل وإلى الأمراض التي أصبحت جزءًا من حياتنا ولم نعد نستغرب إصابة الشباب بالأمراض بعد أن كانت حكرًا على كبار السن وفترة الشيخوخة.
الأمر الأهم والذي لم يلتفت له أحد من قبل، هو أن هذا الكسل والخمول ليس البدن وحده من يصاب به، بل حتى الفكر والعقل الذي هو جزء من الجسد المصاب، فالملاحظ أن كثيراً من الناس باتوا من شدة الكسل غير راغبين بتشغيل عقولهم، فاستمتعوا بالانسياق وراء شخصيات تفكر وتقرر نيابة عنهم، فصارت وظيفتهم في الحياة هي الدفاع عن هؤلاء الأشخاص لأنهم يرون فيهم النموذج الفكري الذي يستطيع تقديم قوالب جاهزة مناسبة للشخص الكسول والذي ما عليه إلا أن يُلبسها عقله المسجون في عقل شخص آخر، حتى لو شعر بالتناقض أو الرفض لفكرة من الأفكار فإن هذا العقل الخامل يرفضها ويُنكرها خوفًا من أن يجد نفسه وحيدًا فيضطر إلى تشغيل ماكينة العقل، وهذا ما لا يريد الوقوع به.
طريقة التفكير تغيرت بسبب كل هذه العوامل، ولو عدنا إلى الماضي القريب، فترة آبائنا وأجدادنا وبرغم عدم حصولهم على فرص التعليم والتنوير المتوفرة اليوم، إلا أنه وبسبب اختلاف نمط حياتهم نجد منهجية التفكير لديهم مختلفة، فلديهم الاستقلالية والقدرة على تمحيص الأمور وعدم الانقياد خلف شخص أو مجموعة أشخاص للتفكير نيابة عنهم، لذا نجد الذكاء العالي والحنكة والدهاء في كل قصص الماضي القريب.
أما اليوم فلا نجد سوى «ببغاوات» تردد وتعيد كلام من تم تفويضهم للتفكير نيابة عنهم، وهنا نجد الخط الذي يمكن أن نُقارن فيه ما بين تلك الفترة وحياتنا الحالية، فآباؤنا وأجدادنا لم يصابوا بمرض الكسل والخمول، لذا كانت عقولهم نشطة للتفكير والقبول والرفض دون املاءات من أحد.
الكسل هو لم يعد نمط حياتنا فحسب، بل نمط أفكارنا التي باتت توجه بسذاجة مفرطة نحو أمور لا يركن لها عقل واع، بل إن هذا الكسل هو ما أدى إلى تفاقم العنف والتلذذ به، وكل ما يحيط بنا من أحداث اليوم هي نتيجة استمتاع الإنسان العربي بالعنف، وقبول عقله اللا واعي لهذه الأحداث والعيش بداخلها بكل متعة، لذا عقله الخامل والكسول يرفض السلام ويرفض التعايش ويطلب مزيداً من الأموات والدماء، لأن هذه الصور ونشرها والبكاء عليها هي ما تُحقق لهذا العقل الخامل «اللذة» التي يريد الوصول لها، فالعنف من أهم أسبابه خمول العقل الذي لا يريد أن يُناقش ولا يتفاهم ولا يأخذ ويعطي، فأقصر أسلوب لهذا الشكل من العقول هو العنف والموت، لأن العقل الكسول أبسط بكثير من أن يعمل للبحث عن حلول إلى حياة السلام!.