معجبة جدًا بتفاعل بعض الملحقيات الثقافية التابعة لوزارة التعليم العالي، في حرصها على تنبيه الشباب المبتعثين من الانخراط أو التجاوب مع المنظمات والجماعات الإرهابية، وما أراه من تحذيرات هي مجرد جهود فردية من قبل الملحقيات وبالأخص ملحقيتنا في الولايات الأمريكية المتحدة، قد يكون هذا بسبب خطورة تلك الدولة وكثرة التنظيمات لديهم، حتى أنني أتذكر في زيارتي لواشنطن قبل عامين أخبرني مصدر إعلامي بوجود أكثر من 3000 منظمة وجمعية تابعة للإخوان المسلمين في أمريكا، وأنها تستضيف كبار قيادات الإخوان من الدول العربية وأنهم استضافوا من السعودية عدداً من المشايخ والدعاة من ضمنهم القيادي عوض القرني.
إذن تُعتبر الولايات المتحدة الأمريكية دولة خطيرة على الشباب إذا ما كان هناك متابعة وتوجيه وتوعية، أضف إلى ذلك، أن استهداف شبابنا يتم بمحاولة جذبهم لهذه التنظيمات، فإن استعصى هذا عليهم اتجهوا إلى الشباب بطرق إغواء أخرى بهدف تدميرهم أولها المخدرات. هل نحن مستهدفون؟ نعم مستهدفون ومن يستهدفنا هم منا وفينا.
ما يحزنني شخصيًا، أن وزارة التعليم العالي -نفسها- لم يظهر لها أي برنامج يحمل أجندة متكاملة على الصعيد الداخلي، وداخليًا أظنها الجهة الأخطر على شبابنا، فنحن في الخارج نحذرهم من التعامل مع منظمات وأشخاص، وفي الداخل نتركهم في أيدي أساتذة وأكاديميين هم رسل هذه الجماعات في بلادنا، ما يلاحظ أن ثمة فجوة كبيرة في مسار هذه الجهود ويؤكد على أنها ما زالت فردية إذ إن الوزارة بلا برامج متكاملة لمكافحة هذه التنظيمات، التي تبدأ بحشو الأفكار في عقولٍ غض عودها، وبعد مرحلة الفكر يبدأ الحِراك المنظم والموجه إلى قلب هذا الوطن.
لعل مواقع التواصل الاجتماعي تمكنّت من تعرية عدد ليس بالقليل من المحرضين والمفسدين ممن يتبوؤون مناصب أكاديمية في جامعتنا، فهل يُعقل أن وزارة التعليم العالي لا تعلم عنهم شيئًا؟ وإن كانت لا تتابع هذه الكمية المخيفة من التحريض والخسة والقذارة في متصفحاتهم فلتستعين برقم موحد أو بريد إلكتروني للإبلاغ عنهم، وإراحة عقول الشباب من هذا الاحتقان الذي بدأ يظهر على السطح جليًا وهو مؤشر خطير لمرحلة قادمة قد لا تكون في صالحنا جميعًا. قد نعتقد أن هذه الأفكار في صورتها الظاهرية لا تُعد نذير خطر، لكنها في عُمقها هي الخطر بعينه فما بعد الاحتقان إلا الانفجار! ومؤشره يتضح في كمية العنف اللفظي المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي من قبل شباب مُغيب وجد في هؤلاء ضالتهم إلى تخريب الوطن وإفساد كل ما هو وطني، واليوم العنف بالألفاظ وغدًا باليد والسلاح!
ولا أفشي سرًا أو أذكر معلومة ليست معروفة ولا ملموسة، إننا في هذا الوقت صار من يُظهر ولاءه الوطني يعني أنه سيخسر الكثير وسيجد كمية كبيرة من السب والشتم والقذف، وأذكر على هذا مثالاً، أن قام أحد الزملاء الوطنيين والمعروف عنه تعرية هؤلاء في تويتر بالاعتذار منهم جميعًا بالأسماء، وأنا واثقة أن اعتذاره لم يأتِ لتراجع في أفكاره، بل لأنه وجد نفسه في وجه سيل كبير سيجرفه إن استمر في تعريتهم، لذا هو اعتذر من كل رؤوس فتنة التحريض ليأمن شرهم وشر أتباعهم في ظل افتقاد أي نوع من الحماية منهم.. كل هذا يحدث على مرأى ومسمع الجميع والخوف أن لا نستيقظ إلا بعد الخسارة!