أبناء المسلمين في كل مكان (يحلمون) بزيارة مكة المكرمة والمدينة المنورة فما بالكم إذا شاهدوا ما تحقق؟
شخّص الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الله أبا الخيل مدير جامعة الإمام في مقاله الرائع المنشور في (الجزيرة) بتاريخ 22 من شهر رمضان واقع الأماكن المقدسة وما بذله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من جهد عظيم سوف يخلده التاريخ والمتمثل في أكبر توسعة للحرمين الشريفين في أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمن.
والحقيقة أنني من متابعي وقراء الأستاذ الدكتور أبا الخيل الذي يكتب دوماً بروح وطنية ممزوجة برؤى إسلامية حقة تجلى ذلك في مقاله الأخير الذي كحل به عيوننا في أحد الأيام الجميلة من العشر الأواخر من رمضان حين قال: (من يزور المسجد الحرام في هذه الأيام ويشاهد ما أُنجز، وما يعمل عليه على مدار الساعة، وما وجّه خادم الحرمين الشريفين بتهيئته من جهد يستوعب الأعداد المتزايدة في مكة لا يمكنه أن يتصور عظم المنجز، وقد كنت قبل أن أقف بنفسي على تفاصيل ما يجري أظن أن العمل زيادة من الزيادات كسابقاتها، لكن في العام الماضي وفي هذا العام شرفني الله بقضاء شيء من الوقت في رمضان المبارك وأكرمني المسؤولون في الرئاسة العامة لشؤون الحرمين بالوقوف على بعض ما يتم من أعمال وجهود ومنشآت، ولاسيما أنها بدأت تتضح معالمها، وتم إنجاز قسم كبير منها، ولما وقفت على الحقائق رأيت أن من الواجب أن أدوّن هنا مشاعر ومواقف وتصورات ليشاركني القارئ والمطلع على مقالتي السرور والغبطة والحبور، فأقول وبالله التوفيق.
إنه مهما وصف الواصفون، وحاول المبدعون أن يحيطوا بحقيقة ما يخطط له أن يتم، فلن يصوروا الواقع والحقيقة كما هي، لقد شاهدت بأم عيني ما يسر الخاطر، ويبهج النفس، ويسعد القلب، ويرفع الرأس ما جعل الخيال يسبح بعيداً ويغوص في أعماق التاريخ، ويعرض صوراً مستوحاة مما نقله المؤرخون، وما أدركه الآباء والأجداد في العصور الخالية، وأيام الحكم السعودي في أدواره، وما أدركته إبان زيارتي لهذه البقاع المقدسة منذ أدركت وإلى يومنا هذا لأقول إنني لا أصدق ما أراه، وأجزم يقيناً بأن ما وفق الله إليه إمامنا المسدد، وولي أمرنا المبارك هو نصر للإسلام وعز للمسلمين، وحماية لمقدساتهم، وإعمار لها، وإعلاء لشأنها، وعمل جبار لم يمر على التاريخ نظيره في هذه البقاع الطاهرة وإلى يومنا هذا ولله الحمد.
لقد تسامت الهمة الملكية، والإرادة السامية لهذا الملك المسلم الذي يقود بحكمته وحنكته ورؤيته الثاقبة، وبصره الناقد، وبصيرته الموفقة بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية مهبط الوحي، وموئل الإسلام، ومأرز الإيمان ليوصلها إلى مكانها اللائق بها، ويحتل بها الصدارة التي هي قدرها شرعاً وزماناً ومكاناً بمثل هذه الأعمال الجليلة، ويجعل هذه البقعة المقدسة والحرم الآمن تتوافر فيه أميز عناصر المدنية والحضارة، لتبقى على مر العصور والأجيال شاهدة بأن أعظم حضارة هي حضارة المسلمين، تلكم الحضارة التي توافرت فيها مقومات البقاء والعز إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها).
نعم يا دكتور سليمان فلقد صدقت فيما ذكرت عن أطهر بقاع الأرض وما قام به الملك الصالح الملك عبد الله حيث سخّر وقته وماله ومال بلاده خدمةً لأبناء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
إنها لم تكن توسعة للحرمين الشريفين فحسب بل هي (منجز) تاريخي سابق الزمن لخدمة 7 مليارات مسلم، فالملك حفظه الله حين شاهد الحشود الكبيرة من حجاج بيت الله وعمّاره في السنوات القليلة الماضية والزحام الشديد في أقدس بقعتين في الأرض عزم بإرادة رب العباد وتوقع أن تتضاعف الأعداد من زوار بيت الله ومسجد نبيه في السنوات القادمة فاستبق بعزيمة الرجال وكقائد للأمة الإسلامية قام- حفظه الله- بإحداث نقلة عصرية للحرمين الشريفين وللمدينتين المقدستين مكة والمدينة بهذه التوسعة التي لم تحدث من قبل وكأنه يقول حفظه الله لجميع أبناء المسلمين هذه (مقدساتكم) وهذا ما عملته لكم فمرحباً بكم في بيت الله ومسجد رسوله ضيوفاً كراماً تؤدون فريضتكم براحة وسعادة واطمئنان دون تكلف أو تعرض لزحام أو ضيق في المكان فالشكر كل الشكر لك يا خادم البيتين على ما قدمته خدمة للإسلام والمسلمين بهذه التوسعة والإنجازات العملاقة التي لا يستطيع المرء وصفها وإذا كان الأستاذ الدكتور سليمان أبا الخيل قد أفاد وأجاد في مقاله الرائع ووصف حال ما شاهده على الطبيعة بعد زيارته للمسجد الحرام من مشاريع عملاقة أُنجزت في مكة والحرم الشريف في المدينة المنورة على وجه الخصوص حتى الآن وما هو جارٍ تنفيذه من مشاريع استمراراً للعمل الجبار الذي تقوم به المملكة خدمةً للإسلام والمسلمين بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين فإنني أضيف إلى مقال معاليه شيئاً آخر وهو لهفة وشوق المسلمين في بقاع الأرض المختلفة لزيارة الحرمين الشريفين لتأدية فريضة الحج أو أداء العمرة.
يا معالي الدكتور إني أشعر كمواطن وكصحفي وكسعودي بالفخر والاعتزاز حين التقي أبناء المسلمين في معظم دول العالم الذين يعبرون لي عن أغلى حلم وأكبر أمل في حياتهم والمتمثل بزيارة مكة المكرمة والمدينة المنورة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم بشكل خاص وزيارة البلد المسمى بـ(المملكة العربية السعودية).
إنهم ينظرون إلى بلادنا ومقدساتنا التي أنعم الله بها علينا وعلى بلادنا ووجدت قائداً مخلصاً خدم الإسلام والمسلمين بكل ما يملك وسخّر إمكانات بلاده خدمة لهم نظرة عظيمة لا استطيع وصفها.
ففي المغرب مثلاً يقول المغربي إن حلمي في حياتي هو زيارة بيت الله ومسجد رسوله ومن أرض الكنانة يتحدث المصري بلغة المسلم المحب لدين الله ورسوله أن منتهى حلمه في الدنيا هو أداء فريضة الحج أو أداء العمرة وزيارة أرض المقدسات والسعودية بشكلٍ عام وفي شرق آسيا كذلك أما الأقليات المسلمة في أوروبا والأمريكتين وإفريقيا فإنهم يتمنون في حياتهم أن ينعم الله عليهم عز وجل بزيارة هذه الأماكن الطاهرة وأن يمن الله عليهم في يوم من الأيام بحج أو عمرة فكيف بهؤلاء جميعاً يتمنون الزيارة فقط للحرمين الشريفين فما بالكم إذا وجدوا أمامهم هذه الإنجازات العملاقة وهذه الأعمال الجبارة كيف ستكون عليه مشاعرهم تجاه قائد الأمة السعودية وقائد الأمتين العربية والإسلامية الملك عبد الله بن عبد العزيز أثابه الله على ما قدمه للإسلام.
أخيراً كل الشكر لمعالي الأستاذ الدكتور سليمان أبا الخيل الذي وصف لنا حال الإنجازات في مكة المكرمة والحرم الشريف التي تحققت وكأننا قد زرناها بالفعل.