تمارس الجماعات المتطرفة أفعالاً لا تقبلها الفطرة الإنسانية السوية فضلاً عن تعاليم كل الأديان السماوية وحقوق الإنسان وقوانين الحياة الكريمة، ويصاحب ممارستها للأفعال سرد شعارات مقبولة لدى كل متلقٍ لها؛
بقصد التأثير فيه، وبالتالي إقناعه بأنها على الطريق الصواب، وذلك كما يزعمون في حين أن لها هدفاً رئيساً وهو دنيوي وليس دينياً والذي يتمثل في الوصول إلى السلطة والاستيلاء على الحكم، وإقامة الخلافة الإسلامية.
لقد أصبحت الجماعات المتطرفة: فكرها وتنظيمها وسلوكياتها أحاديث الساعة لدى الأفراد والجماعات في كل مكان على المستوى الرسمي والشعبي، وتدور هذه الأحاديث عن سلسلة العقوبات التي تطبقها على من تحكم عليه بها من قتل رمياً بالرصاص ومن ثم رمي القتلى بصورة مهينة في حفر مجهولة وعميقة، ورجم حتى الموت لمن يتهم بفعل الحرام، ومعارك تخوضها، وسمات قياداتها وجنودها، وانتصاراتها وقتلاها...الخ.
وأكدت الكتابات المتخصصة في مجال الإرهاب أن الجماعات المتطرفة صناعة وتمويل غربي صليبي وفارسي صفوي، وزد على ذلك -للأسف الشديد- بعض الأقطار العربية والإسلامية المحسوبة في أعداد الدول الشقيقة؛ وذلك لضرب المسلمين بعضهم ببعض، والسيطرة عليهم، واستغلال خيراتهم، وجعلهم على الدوام في حاجة لهم. وهي تنظيمات فرعية للتنظيم الأم المسمى بالقاعدة والذي كان يتزعمه أسامة بن لادن، ومنتشرة في مواقع جغرافية؛ للتمكن من سرعة تحقيق هدفها.
والمتتبع لأخبار وسائل الإعلام المحيطة بنا عن أشهر الجماعات المتطرفة في الوقت الحاضر يستطيع أن يرصد شيئاً من سلوكياتها العدائية باسم الإسلام، كما بمقدوره أن يوزعها إلى نوعين، النوع الأول، إرهاب على مستوى الفرد، والنوع الآخر، إرهاب على مستوى الدولة، وهذا هو الأخطر؛ لأنه يستهدف إسقاط هيبة الدولة، ويضعف من سيادتها، ويشكك في قدرتها على نشر الأمن.
داعش وهي من الجماعات المتطرفة وأشهر التنظيمات المتشددة في هذه الأيام، وقد شهدت تصرفاتها على ذلك فكل من يقع في قبضة جنودها من ضعاف البشر والمتمثلين في كبار السن والنساء والأطفال والأسرى، تمارس ضدهم سلسلة من العقوبات المتنوعة والتي لا تمارسها الضواري مع طرائدها في الغابات وتنشر عبر وسائل الإعلام وهم في كامل نشوتهم القتالية، الأمر الذي دفع مقام وزارة الداخلية السعودية اعتبارها تنظيماً متطرفاً.
من أمثلة الإرهاب الفردي الذي مارسه هذا التنظيم خبراً نشرته صحيفة المرصد الإلكترونية في (19 يوليو 2014م -14:08) نقلاً عن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد قتل270 من الجنود والحرس والموظفين عندما استولى على حقل غاز شاعر الواقع شرق حمص بوسط سوريا بعد أعنف اشتباكات بين التنظيم المنشق عن القاعدة الذي خسر 40 مقاتلاً والقوات السورية.
وكما نشرت الصحيفة ذاتها (19 يوليو 2014م-12:06) أن داعشاً رجمت امرأتين حتى الموت في سوق شعبي بالرقة شمال سوريا بعد اتهامهما بارتكاب الحرام وهي المرة الأولى التي يطبق هذا الحكم في سوريا، الأمر الذي تسبب في حدوث حالة رعب لدى سكان الرقة.
ووصل الأمر إلى أن هذا التنظيم رحّل 52 عائلة مسيحية من مدينة الموصل في العراق في اتجاهين أربيل ودهوك، وأغلب المرحلين اتجهوا إلى دهوك التي تبعد140 كيلومتراً عن الموصل، ومن يرغب في البقاء في الموصل عليه دفع الجزية ومقدارها550000 دينار عراقي أي ما يعادل450 دولاراً أمريكياً، وهذا عبء مالي قد لا تستطيع كل الأسر تحمله.
ونشرت صحيفة المرصد (17 يوليو 2014م-16:02) خبراً عن المكان الذي تدفن داعش جثث المعتقلين المدنيين والأسرى من الجيش الحر الذين يقومون بتصفيتهم ورميهم بطريقة مُهينة في وادي سحيق يعرف بالهوتة وسط صيحات التكبير والتهليل من قبل مقاتلي التنظيم، ويتضح من هذه الصيحات اللهجات التي تحدد هواياتهم.
ومن أمثلة إرهاب الدولة تغريدة تم تداولها بين المغردين في تويتر في الأيام الماضية القريبة بأن تفجيراً سيقع في مدينة الرياض خلال 24ساعة؛ لنشر الهلع بين الناس، وتحقيق الانفلات الأمني، وتحفيز الحاقدين على اتخاذ موقف، وإظهار عجز وزارة الداخلية أمام الشارع السعودي.
ومن واجباتنا نحن المواطنين ألا نتداول مثل هذه التغريدات والأخبار؛ لأسباب، منها: أن نحسن اللجوء إلى الله تعالى والتوكل عليه، وهذا ما تعلمناه وتربينا عليه، وألا تخيفنا هذه الممارسات العدوانية، وألا نعطيها أكثر مما تستحق، وأن نتعاون على نشر الكلمة الطيبة بين الناس ولاسيما في هذه الأيام المباركة، وإن نخمد الفتنة بمجرد ظهور معالمها بدلاً من نشرها، وألا نسهم في ترويع الآمنين من المواطنين والمقيمين، وأن ندعو لرجال أمننا بالعون والتوفيق والسداد فهم يتصرفون وفق خططهم المبنية على معلوماتهم وتحرياتهم.
ومن واجبات وسائل إعلامنا المختلفة ولاسيما الإلكترونية، ألا تعطي هذه الجماعات أكثر مما يجب في نشر أخبارهم وتحركاتهم، وأن تتجاهلهم، وتنشر للناس ما يساعدهم على متابعة المفيد من الفنون الإعلامية، إذ لا تخلو وسائل الإعلام في أعدادها اليومية من تناول أخبار وصور هذه التنظيمات الإرهابية بصورة مكثفة.
ومن واجبات شبابنا الذين يتابعونهم مخدوعين في صيحات التكبير والتهليل التي تلهج بها ألسنتهم، ولا يتأثروا بالتزامهم بالمظهر الإسلامي، ولا يجعلوا منهم أبطالاً مخلصينهم من مشكلاتهم همومهم، فكما أشرت في مقالة بعنوان (الشباب في الفكر الإرهابي) في صحيفة الجزيرة الصادر يوم الأربعاء الماضي (18 رمضان 1435هـ) من أن جنود هذه الجماعات هم من أبنائنا الغالين علينا، والذين لا نرخصهم إلا لأقدار الله تعالى، لديهم خلل في العديد من سماتهم الشخصية، وأن قيادات الجماعات المتطرفة برعوا في الاستفادة من هذا الخلل فاتخذتهم دروعاً في أوجه سلطاتهم الأمنية مقابل وعود وشعارات مضللة.
حفظ الله بلادنا من كل مكروه، وأخرجها من مؤامرات الحاقدين سالمة منتصرة، ورزق رموزها وصناع قراراتها الحكمة في التعامل مع الأحداث وفق ما تمليه مصلحة البلاد والعباد...آمين