صوت1: لم يعد خافياً أن حماس إرهابية ودعم إيران سر تهورها حتى نسيت تماماً أنه لا تكافؤ بينها وبين إسرائيل وتسلحها و...
صوت2 : (تحتد نبرته وتضيق عيناه ليوجهها مباشرة لوجه ليبرالي): أنت لا تؤمن بدماء الأبرياء! إيمانك الوحيد اصطفافاتك!. أنت كمن يقتلع الأشجار ليقضي على آفة حشرية.
صوت 3: (يتحدث بثقة عالية): هل أنا بحاجة هنا لأذكركم بعدد شهداء الجزائر في طريقها للحرية؟ هل ننسى كم فئة قليلة غلبت فئة كبيرة بإذن الله؟
صوت1: أرجوك لا تغمسنا في التاريخ. لو تُرك الأمر لكم لما كنا الآن في انتظار طائرة، إنما ستجدنا في أعماق الصحراء نبتلع الغبار نحن ودوابنا! ( قالها متهكما وأشاح نظره).
صوت3: (يشبك أصابعه العشرة ببعضها ويقول متصنعاً الهدوء) استفزازك هذا لا يهز يقيني. تغريبي مثلك لا أدري ما الذي يريد في بلادنا، لماذا لا تذهب للعيش في الخارج مع أوليائك وأوثانك؟
صوت1: ( يقهقه عالياً) أنتم لن ولم تتغيروا. مُخيلة (نحن والآخر). الوجود لنا والعالم كله جبهة تضم الأعداء. هدفكم الوحيد تطهير العالم من كل مختلف. لتستبدوا بالأرض والنساء.
صوت3 (يخرج من هدوئه و يستند إلى ركبتيه هامّا بالنهوض، لولا إنساني الذي هدّأ من غضبه وحثه للجلوس): النساء همكم أنتم يا فسقة. تريدون إطفاء نور الله وقد أخزاكم. والله لولا إني صائم للقنتك درساً..
صوت1 ( يقهقه من جديد) لماذا تغضب من الحقيقة. أنتم من حرّف دين الله ليخدم مصالحكم.
صوت3: اخرس يا فاسق.. اخدمنا بتغيب عقلك المنحرف ببضع كؤوس من الخمر, والعياذ بالله.
صوت1 ( يقهقه ويصفق يديه ببعضهما) ويهم بالرد.. فيقطع «صوت3» موجة التوتر:
اسمحا لي.. كليكما ينظر من قناعة أنه صاحب الحقيقة المطلقة. الحقيقة كالمكعب له عدة أوجه. قد ترى أنت وجهاً من زاويتك ويرى الآخر وجهاً من زاويته. كلاكما مختلف وكلاكما محق فيما يرى. لكن لا يمكن لكليكما أن يمتلك الصورة كاملة إلا حينما تتبادلان المواقع.
صوت3: يبدو أنك توفيقي أو منافق.
صوت2: عدنا لإطلاق الأحكام؟
صوت3: هذه هي الحقيقة بلا شك
صوت2: قلت لك لا تكن جزمياً. لا يمكنك احتكار الحقيقة
صوت1: أنا لا أفكر بضدية، أحترم كل الحريات، وأؤمن بالاختلاف. وسأدعوكم على قهوة على حسابي الآن عربونا لحسن النوايا ( قالها مبتسماً).
صوت2: وماذا تسمي تهكمك بصاحبنا قبل قليل؟ هل هذا ضمن الاحترام؟
صوت1: السخرية أحد أساليب إيصال الفكرة وهي بالمناسبة أنجع من وعظيات صاحبك.
( قالها ضاحكاً وهو متجه لكشك قهوة قريب دون أن يلتفت إليهما).
«صوت3» يحوقل ويهز رأسه يمنة ويسرة. و»صوت2» يدس يده في جيبه مخرجاً محفظة:
انظر، على يمين الصورة أنا ثم صلاح زميلنا الفلسطيني ثم أنت والجالس على طرف الطاولة «صوت1».. أيام لا تتكرر.
«صوت3» تختلج عيناه وينظر بلامبالاة ثم يشيح ببصره للنافذة: كم بقي على الرحلة؟
صوت2: 17 دقيقة. قل لي، ما سر تحولك الفكري؟
صوت3: أي تحول؟ ثم يرن هاتفه وينهض وقد بدت عليه علامات الارتباك:
نعم.. نعم، لا أحد يعرف أنني قادم، بإذن الله.. قلت لهم إنني ذاهب لزيارة صديق. من؟ متى؟ رحمه الله إذاً.. (يغلق الهاتف ويعود للكرسي).
صوت2 (مازالت الصورة في يده): خير؟
صوت3: خيراً إن شاء الله.
«صوت1» (يعود ومعه القهوة): لماذا لا يوظفون سيدات في مقاهي المطار، من حق المرأة أن تأخذ فرصتها بدلاً عن تبديد الفرص على عمالة أجنبية!.
صوت3: ومن حقك أنت أن تأخذ فرصة للنظر إلى مفاتنها أيضاً..
«صوت1» يقهقه.. «صوت3» يحدق في بوابة السفر بقلق واضح، و»صوت2» يدور إبهامه على وجه صلاح في الصورة ويتمتم: احفظهم يا رب؟!