تذكرت عند الشروع في تحرير هذا المقال، حينما يحيطنا الندم على التفريط بمكتسباتنا البشرية،قول عنترة بن شداد حين بكت عليه زوجة أبيه التي طالما تآمرت عليه
أمن سُميّة دمع العين مذروف ؟!
لو أن ذا منك قبل اليوم معروف؟!
ويبدو أنه من السهل أن تتحرج المؤسسات من إبراز المكتسبات من الخبرات البشرية، حتى لا يدوّن ذلك أنه عجز، وضيق حيلة، ولكن الشجاعة أن تتجاوز هذا الظن فتخاطر بتقديم لُمع وشذرات من مكتسباتها البشرية، ونعتقد أن هناك من سينتقد، وهناك من سوف يقلل من الإضاءات، والحقيقة أننا عندما نسقي أشجارنا اليوم سوف نستظل بها غداً.
ولله درّ المتنبي عندما قال:
يرى الجبناء أن العجز عقل
وتلك خديعة الطبع اللئيم
ويعتبر التسويف بالاحتفاء بالخبرات البشرية قتلاً للتقدم والنهوض، حيث لا تُدار المصانع (بزخرف القول غرورا)، ومن الوعي الاستباقي أيضا أن لكل مكتسب بشري صندوقه الخاص، فإذا ما استطاعت المؤسسات المحافظة على صناديقها واستجلاب الظل الظليل لوقايتها من لفحات الهجير؛ حتى لا تذوب ألواحها ؛فتتبخر العزائم؛ وقد يبقى شيء منها على سبيل الاضطرار ؛لا القناعة ؟! والحكمة في ذلك أنها فرصة لبناء علاقات حضارية راقية؛ تسمو للأعلى، وتخلق بيئات خضراء ودودة ممهدة للصعود، لأن تلك النخب البشرية الفاضلة ؛ ما استحصد أصحابها فضاءلهم إلا من مشقة أبي الطيب :
لولا المشقة ساد الناس كلهمُ
الجود يفقر والاقدام قتالُ
فلا بدّ من صياغة فكر متقدم ، يتكئ في أهدافه على سلامة المقصد،والقيم النبيلة والإيثار، للاعتراف بالتميز، واستقطابه والحفاظ عليه،وأنه من المسلّمات الطبيعية التي يجب أن يعترف بها من يقود المؤسسات؛ حيث ذلك منهج الشرفاء.
قال الحكيم الخبير:
{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (9) سورة الزمر.