انتشرت في السنوات الأخيرة حلولٌ ميسرة من قبل صندووق التنمية العقاري من خلال الموافقة على تملك المواطنين وحدات سكنية بمساحات مختلفة عبر مجمعات سكنية تتكون من شقق تمليك أو دبلوكسات مشتركة في الخدمات العامة، كانت محل إقبال كبير من الباحثين عن السكن، لكن مع غياب الأنظمة والاشتراطات التي تعمل على حماية الوحدات السكنية مشتركة الخدمات والعمل على صيانتها والاهتمام بها تردت أوضاع العمائر مشتركة الخدمات، حيث أبدى الكثير من ملاّك تلك الشقق والفلل المشتركة في الخدمات أسفهم على إقدامهم لتملك منزل العمر في عمائر ومجمعات سكنية مشتركة في الخدمات.
وطالب مستثمرون عقاريون بالإسراع في فرض نظام «اتحاد الملاك» كنظام يحمي العمائر والمجمعات التي تشترك فيها الخدمات ويعطيها عمراً افتراضياً طويلاً مقابل رسوم رمزية، مؤكدين أن غياب الآليات الأساسية والبعد عن تفعيل النظام يسير بهذه المشاريع إلى دائرة الفشل، موضحين أن الدولة في سياستها الحديثة تسير وفق إتاحة الفرص للمواطنين لتملك الوحدات السكنية.
وقال المهندس محمد الخليل نائب رئيس اللجنة الوطنية العقارية إنه لم يعلن حتى اليوم عن الجهة المعنية بمسؤوليتها عن تنفيذ قرارات نظام جمعية «اتحاد الملاك» الذي أصدر مجلس الوزراء قرار تكوينه منذ ما يناهز أحد عشر عاماً مضت، مشيراً إلى أن سوق شقق التمليك بدأت تلقى رواجاً كبيراً بين فئات المجتمع نتيجة ارتفاع أسعار العقارات بأنواعها وارتفاع أسعار العمالة ومواد البناء مما جعل الكثير من الباحثين عن السكن يفكر في شقق التمليك، خصوصاً أن المستثمرين اتجهوا الى دراسة متطلبات الأسرة السعودية في شقق التمليك وطلبات الصندوق العقاري والجهات التمويلية الأخرى.
وبيّن الخليل أن بقاء نظام اتحاد الملاّك خارج الخدمة دفع الشركات العقارية الكبرى إلى توفير خدمات الإدارة والصيانة والتشغيل ما بعد البيع ولمدة زمنية متوسطة (3 سنوات تشغيلية) للمجمعات السكنية التي تضم شققاً سكنية لإقناع المشترين بضمان توفير خدمة الإدارة ريثما يتم تفعيل اتحاد الملاّك أو يحدد من الملاّك أنفسهم.
وذكر الخليل أن تفعيل اتحاد الملاّك بات ضرورة ملحة.
بدوره قال المطور العقاري المهندس حامد بن حمري إن نشوء العديد من المشكلات والقضايا في المباني المشتركة كشقق التمليك المنتشرة حالياً إن لم يجب أن يبادر الصندوق العقاري إلى معرفة مشكلاتها والسعي إلى حلها مع المحاكم ووزارة التجارة، وذلك من خلال إلزام الملاك بإنشاء مكاتب خاصة تابعة للشقق السكنية تكفل إجراء برامج الصيانة الدورية، ووضع حلول للمشكلات المتكررة في المصاعد وخزانات المياه والصرف الصحي، وبعض الخدمات المشتركة بين الساكنين، ولا تقع ضمن وحداتهم الخاصة.
وطالب ابن حمري الجهات ذات الاختصاص إلى حل مجمل الخلافات والملاحظات التي أفرزها بيع شقق التمليك والتي من أهمها إيجاد اتحاد للملاك (شقق التمليك) بموجب نص اللائحة التنفيذية لنظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها، والمطالبة بتفعيل وتكوين نظام جمعيات الملاك، والتنسيق مع وزارة العدل بمنع إفراغ شقق التمليك إلا بعد تكوين جمعيات ملاك ذات فعالية، وإحالة أي خلافات من تلك الجمعيات إلي قضاة التنفيذ للنظر فيها بشكل سريع، متوقعاً أن يعمل النظام في حال تطبيقه بشكل واسع على حل نحو90% من مشاكل الوحدات مشتركة الخدمات التي أرهقت المحاكم.
وأرجع المهندس ابن حمري عدم تفعيل نظام اتحاد الملاك إلى الآن لحداثة نظام تمليك الشقق السكنية مقارنة بالدول المجاورة، مبيناً أن تداول شقق التمليك لم ينتشر إلا قبل 15 عاماً، معتبراً هذه الفترة غير كافية لمعالجة الإشكاليات التي يواجهها ملاك الشقق السكنية، مؤكداً على ضرورة دراسة تفعيل مثل هذه الجمعيات من قبل الجهات المختصة.
وذكر العقاري سليمان العمري أن المقبلين على شراء شقق التمليك هم من فئة الشباب حديثي التخرج والزواج، موضحاً أن ارتفاع أسعار الأراضي والعمالة ومواد البناء والظروف المادية جعل الكثير منهم يتجهون إلى شراء شقق التمليك، حيث يعتبر الحل الأمثل لهم هو تملُّك شقة مكتملة الخدمات في بداية حياتهم، وذلك إلى أن تتحسن ظروفهم وإمكاناتهم مستقبلاً، في ظل محدودية الأسرة، مشيراً إلى أن عدم تفعيل جمعية المُلاك كان له أثر سلبي على مستثمري ومالكي شقق التمليك.
وشدد العمري على ضرورة الإسراع في إيجاد اتحاد للملاّك كونه سيسهم بشكل كبير في الحد من الإشكالات التي قد تحدث عن مشكلات الصيانة والخدمات، وغيرها من الإشكالات التي قد تصل خلافاتها إلى المحاكم، لافتاً إلى أنَّ عدم وجود الجمعية لا يُشجِّع الإقبال على شراء شقق التمليك، إذ أنَّ المشتري في هذه الحالة يريد أن يضمن حقه وأن يتواصل مستقبلاً مع جهة رسمية تحل مشكلات المبنى والأضرار التي قد تلحق به.
وأشار العمري الى أن التحدي الذي سيواجهه اتحاد الملاّك عند تطبيقه على أرض الواقع هو اختلاف ميول ونوعيات التركيبة السكانية الموجود في تلك العمائر والمجمعات، حيث يتطلب ذلك العمل الجماعي، فثقافة العمل الجماعي لدينا جديدة وحديثة، وكثير من الناس لا يتقبلون الآراء المختلفة مما يؤدي إلى انهيار الشكل النظامي لفكرة التجمع السكاني.