المقرر أن تتحرك الطائرة رقم sv1329 من مطار الملك خالد الدولي بالرياض متجهة لمطار حائل الإقليمي الساعة 18,35، وبالفعل تحركت من مكانها الواقفة فيه قبل هذا الوقت بدقائق معدودة - وهذه مزية تشكر عليها الخطوط السعودية -.
مشت الطائرة على المدرج حتى الساعه 43 :18 أي قبل إفطار البلد المسافر منه «الرياض» بدقيقتين فقط، وبقيت الأحزمة مربوطة أكثر من عشر دقائق ثم وزعت وجبة الإفطار على الركاب.
بدأ البعض بالأكل بعد السابعة مساء على اعتبار أن الرياض هي أقرب مدينة لهم وقد دخل وقت الإفطار فيها قبل ربع ساعة تقريباً.
عندما لاحظ المضيف المجتهد والحريص أن البعض من الركاب قد أفطر، أشكل عليه الأمر فسأل الكابتن - كما يقول هو - فقال له: إلى الآن لم يحن وقت الإفطار.
سارع صاحبنا هذا ليعلن ما سمع، مما جعل الأمر يشكل على من أفطر ويتوقف البقية عن أكل تمرتهم الأولى.
ناديته لما مر بجانبي وسألته نصاً:
* على أي أساس قلت إن وقت الإفطار لم يحن بعد؟
فرد علي، بأنني سألت الكابتن .
* وما هو الدليل والمعول الذي بنى عليه الكابتن قوله هذا؟
فقال : نحن نعتمد على الشمس، والشمس لم تغب بعد.
* لماذا لم تبلغوا الركاب لحظة الإقلاع أو عند توزيع وجبة الإفطار أنه سيعلن عن دخول الوقت من قبل طاقم الطائرة في موعده الجديد؟
وكان الجواب منه، هذا اجتهاد مني وإلا عادة لا نعلن وليست مسئوليتنا، ولكن لما رأيت البعض بدأ الإفطار كان التنبيه.
كانت الكلمة الأخيرة عندي إذ قلت له: نحن أقلعنا من مطار الرياض وما بقي على الأذان إلا دقيقتين، ولم نخرج عن أجواء المطار فضلا عن مدينة الرياض إلا بعد دخول الوقت، ولما نبدأ الإفطار إلا بعد السابعة، والشمس كلما ارتفعت الطائرة واتجهنا غرباً فسيتأخر مغيبها.
ساد الطائرة جو الترقب والسكوت، الصائمون ينتظرون الإعلان ويرقبون قرص الشمس، ومن أفطر يخاف أن عليه يوم يجب أن يقضيه وربما ما زال بعضهم في حيرة من أمره.
في تمام الساعة 11: 7 رفع أذان المغرب في حائل لمن جوالتهم مبرمجة على توقيت المنطقة، وما زالت الشمس لم تغب بعد علينا وحن ركاب الطائرة، والطاقم لم يعلن وقت الإفطارحتى هذا الوقت.
في 22›7 تماماً أعلن صاحبنا عن موعد الإفطار مع أن الشمس ما زالت لم ترحل بعد بصورة كاملة.
بصدق أشكل علي الأمر والتبس، وخشيت أنني ارتكبت محظوراً شرعياً فبادرت أول ما نزلت مطار حائل الاتصال على أحد المشائخ المتخصصين في الفقه الإسلامي وشرحت له الأمر كما سبق أعلاه وبالتفصيل الكامل.
فقال فضيلته رعاه الله :( الذي يترجح عندي أن للهواء والسماء حكم الأرض، ولذلك مثلاً يفتي العلماء بأن من نوى الحج أو العمرة وهو مسافر بالطائرة يحرم عندما يكون بمحاذات الميقات الأرضي ولا يحرم من جده محل نزولهم، فمثلاً إذا كنت راكباً الطائرة من المدينة أو حائل وما جاورهما تحرم من «ميقات ذوي الحليفة» الذي تسمى الأن «أبار علي»، ولذلك المسافر بالطائرة يفطر بمحاذات المدينة التي يمر بها، ولو كان المعول عليه الشمس لربما صام من يسافر من المشرق للمغرب أكثر من يوم) انتهى كلمه حفظه الله.
أنا هنا لا ألوم المضيف الحريص والمجتهد ولكن ما أتمناه أن مثل هذه المسائل الفقهية الدقيقية يؤلف فيها كتيب موجز على يد علمائنا الكبار يصدر من هيئة كبار العلماء، وتعقد دورات فقهية متخصصة للمضيفين عموماً ولمن يسافرون في رحلات طويلة على وجه الخصوص الذين يواجهون دائماً أسئلة فقهية دقيقة سواء في الطهارة أو الصلاة أو الصوم أو المواقيت أو غيرها.
دمتم بخير وتقبل الله منا جميعا الصيام والقيام وإلى لقاء والسلام.