بعيداً عن التعصب لجنس الرجال، ودون تحامل على جنس النساء، أناقش بهدوء إحدى إشكالات مجتمعنا السعودي، تلك الإشكالات التي طفت وبقوة معلنة بسد كل منافذ تصريف الأمور وفق رؤية حصيفة.
منذ أشهر أطلق وسم - الراتب لا يكفي - وبغضّ النظر عن أنّ هذا الوسم مدسوس أو غير مدسوس، فإنني أناقش الإشكال كونه إشكالاً له أبعاد مختلفة تصب في قضية أنّ المرأة هي الجاني الأول في هذا الموضوع، وهي من يجب أن يعيد النظر في تصرفاته وفق رؤية ناضجة لا رؤية التباع المظاهر والتقليد الأعمى.
المرأة الجاني أقولها وأنا واثق من أنّ البعض يوافقني هذا الرأي، كوننا نعيش مرحلة انقياد أعمى من الرجل للمرأة، بغضّ النظر كون هذا المرأة حصيفة أو جاهلة تعيسة!
نحن نعيش فعلاً مرحلة لا تبشر بخير كون هذا الرجل الذي أعطي القوامة بنصٍّ شرعي {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ...} تنازل بعضنا طواعية عن هذا الدور وسلّمه للمرأة كاملاً، فكانت النتيجة الحالة المتردِّية التي تعيشها الكثير من الأُسر، كون قائد الأُسرة عاطفياً لا عقلانياً، مظهرياً لا جوهرياً، وهذا القائد هو المرأة، فكان التخبط وكان التردي التربوي والمالي للكثير من أُسرنا.
قبل غضب بعضكن مما قلت وسأقول، فإنني أسجل هنا بكل فخر واعتزاز دور البعض من النساء في حسن الإدارة وحسن التصرف والتصريف، بل إنّ هؤلاء البعض أثرنا ليس في الأبناء والبنات، وإنما غيّرن بطريقة دبلوماسية فائقة الجودة سلوك أزواجهن الرديء.
لكن في المقابل الغالبية من الزوجات والبنات اللاتي تولين إدارة البيوت، تسببن بشكل مباشر في حالة متردية من الفوضى المالية والعلمية للأُسرة.
براهين بين يدي هذه المقالة تبرئ ساحتي من أن تكون تهمي باطلة ..
أول هذه البراهين: من يقود جحافل الرجال الذين يعيشون الكفاف إلى منتجعات أوربا وأمريكا وينفقون عشرات بل مئات الألوف؟
من يغشى مراكز التسوق العالمية باهظة التكاليف مما يتسبب في إفلاس الأُسرة؟
من يقيم الحفلات تلو الحفلات تارة حفلة تخرج وتارة حفلة تفوق (مزعوم) وتارة حفلة خطوبة وأخرى ملكة وتاليتها زواج أسطوري؟
ثلاثة نماذج أوردتها كمثال وإلاّ الأمثلة كثيرة، أليس كل هذه الأشياء تأتي من تحت رأسها لا رأسه؟
من كان يعرف شوارع وأزقة جنيف قبل عقود إلاّ رجال الأعمال ومن في حكمهم؟ الآن صار كل صغير وكبير يعرفها، فصار حديث المجالس الشتوية الرحلات الصيفية المثخنة بالهموم.
يولولون من كلفة السياحة الداخلية فيتجهون غرباً وشرقاً وهم والله مكرهون، ولكنها القوامة المفقودة!
الرجال قوّامون على النساء لا تعني التسلُّط وإنما تعني الحكمة وبعد النظر، وإن هذا النظر اليوم بات لدى الكثير من الرجال عليه غشاوة إن لم يكن أصيب بالعمى، فباتت المرأة تقود هذا الرجل!
إنّ كلمة رجل لا تعني الذَّكر بل تعني الإدارة الحسنة والقوامة المستقيمة والتصرف الصحيح مع الزوجة والبنات، الرجولة تعني أنّ تقول لا في الوقت المناسب والصحيح، لا أن تكون لا تعرف إلاّ (سمي، حاضر)، عندما تجد نفسك وصلت إلى هذه المرحلة من الهوان والضعف فقل على رجولتك السلام.
إنّ مشكلة بعض الرجال عدم تفريقه بين الحب والانقياد، فهو يرى أنّ حبه لزوجته وبناته يفرض عليه أن يكون سامعاً طائعاً، وهذا في الحقيقة عكس الصواب تماماً، فالحب الحقيقي يحتم عليك أن تكون أميناً عليهن وإن اضطرتك أمانتك إلى رفض بعض طلباتهن وتحجيم تطلعاتهن.
أيها الرجال أعيدوا النظر في واقعكم مع أُسركم فواقع أكثركم مؤلم وحزين، وتفريط ستحاسبون عليه.