جماعات، أحزاب، فرق، هذه حال الأمة العربية والإسلامية، تناحر وتطاحن قادها إلى تفرق وربما اقتتال.. وهنا وطن واحد وشعب واحد وقيادة واحدة، ويأتي من يقول قولاً مشيناً، سواء كان هذا القول حقاً أو باطلاً، فإنه يبقى مشيناً في حق بيتك وأسرتك.
قلت له إنني أمثل الوطن ببيتي الصغير، ولذا أسأل هل يمكن لعاقل أن ينقل ما يدور داخل بيته من اختلاف وخصام إلى خارجه؟ هل يمكن أن أقول ما دار ويدور بيني وبين أسرتي الصغيرة للأصدقاء والأقرباء مهما كانت مودتهم ومحبتهم لي؟
أجابني على الفور لا.. ولا يمكن أن يقول بذلك عاقل.
هذه حالنا مع وطننا، الذي يجب أن نكون أكثر شعوراً بالمسؤولية دوماً واليوم على وجه الخصوص، فالأخطار التي تحيط بمنطقتنا وبوطننا أكبر وأخطر من ذي قبل، بل لا أبالغ إذا قلت إن العدو المتربص بات أكثر تكشيراً عن أنيابه، بل إن ما كان تخميناً بات اليوم حقيقة، وما كان يقال في السر صار اليوم معلناً.
العدو لم يعد واحداً بل بات أكثر من ذلك، والأخطر من كل هذا من كنا نعتقد أنه صديق صارت الشكوك تدور حوله، فلم تعد قلوبنا تطمئن لتصرفاته.
هل بلادنا بدعاً بين بلاد العرب والعجم حتى أسمع هذه الأصوات التي تقزم كل مُنجز وتضخم كل تقصير وخطأ؟ لماذا هؤلاء يطربون عندما يتكلم أحد ما عن تقصير أو إهمال أو قصور؟ ويصمتون عندما أقول إن وطننا حقق الريادة في مجال ما، وحصل على المركز الأول في إنجاز آخر! بل يشككون في النتيجة وفي الذمم!
إن الوطن لنا جميعاً، ولذا من العيب أن تقول في كل شاردة وواردة ما تقول من سب وذم وتخوين لكل من اعتلى منصباً ولكل من عمل عملاً لم يرُق لك، من العقوق أن تقول وأنت تتقلب في نعم الله أمن وأمان وحرية شخصية في مالك وعبادتك ما تقول من تنقص لا أفسره إلا بعدم إنصافك وعدم عدلك مع نفسك ووطنك.
لا يتسلل الألم والحزن إلى قلبي عندما أسمع من الأبعدين ذماً لوطني مهما قالوا وقالوا، ولكن يكاد قلبي ينفطر ألماً وصدري ينفجر ضيقاً عندما يقول بهذا من يعيش تحت سماء هذا الوطن وفوق ترابه، يأكل من خيراته وينعم بثرواته، ورده الفوري عندما تعاتبه ما جنيته تحقق بعرق جبيني! يا للجبين الفذ، والله ثم والله أقولها غير حانثٍ إن جبينك هذا لو لم يكن الوطن يُدار بكل حرص لتحول عرقه قطران يحرق وجنتيك، ولكان هذا العرق زمهريراً يدمي مقلتيك.
إنني أكتب من أجل الوطن لا من أجل مصلحتي ولا دفاعاً عن مسؤول أو مقصر أو مهمل، أكتب لأقول للمسؤول أنت مواطن والوطن في ذمتك، وأقول لهذا الذي ينال من عرض وطنه، اتقِ الله فيما تقول فربما كلمة قلتها لا تلقي لها بال تلقفها صغير سن أو صغير عقل وأودت به في غياهب الأجرام ضد وطنه وضدك وضدي وضد كل إنسان يعيش على هذا التراب الطاهر، وما أحداث العقد المنصرم عنا ببعيد.
حفظ الله لنا أمننا وقيادتنا وأدام علينا نعمه وكفانا شر أنفسنا.
والله المستعان.